للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سيذكرنى قومى إذا جدّ جدّهم ... وفى اللّيلة الظّلماء يفتقد البدر (١)

وكذلك قوله تعالى: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (٢).

الرابع: إسناده إلى اسم الزمان، مثل: (نهاره صائم) فقد أسند صائم إلى النهار، معناه أنا نجعل اسم الزمان فاعلا، فنسند الصوم إليه، وينبغى تقييد ذلك بإرادة هذا المعنى، فإنه يصح أن تقول: (نهاره صائم) حقيقة، أى قائم الظهيرة، يقال: صام النهار إذا قام قائم الظهيرة، ولا بد من إرادة الحقيقة الشرعية، فإن الصوم فى اللغة مطلق الإمساك، فيصح إسناده للنهار حقيقة، ومن هذا الباب قولهم ولد له ثلاثون عاما، وصيد عليه يومان، وليلة ماطرة، وليل ساهر، وقوله تعالى: وَالنَّهارَ مُبْصِراً (٣).

الخامس: اسم المكان مثل: (نهر جار) وهو كظرف الزمان، وهذا المثال إنما يصح إذا كان النهر اسما للشق، فإن كان اسما للماء وحده فهو حقيقة، ولأهل اللغة فى ذلك عبارات مختلفة تشهد لكل من الاحتمالين.

السادس: السبب وهو أن تجعل ما هو سبب الفعل فى المعنى فاعلا، أو فى حكمه، مثل (بنى الأمير المدينة) لكونه تسبب فى بنائها، قال الخطيبى: يريدون بنيت المدينة للأمير، وبعضهم يجعل هذا المثال للمسبب، وكلاهما صحيح.

(قلت): ليس معناه ما ذكره، وإنما يكون معناه بنيت للأمير بتقدير أن يكون للمسبب، فيكون من القسم الذى ذكره بعد، وقوله: (وكلاهما صحيح) فيه نظر؛ لأنه على المسببة يرجع فى المعنى إلى المفعول من أجله، فيمكن دخوله فى قسم عيشة راضية، إلا أن مرادهم بالمفعول فى عيشة راضية المفعول به فقط. هذا كله على تقدير أن المراد بالإسناد ذلك فقولك: بنيت المدينة لا يطلق على بنائها للأمير، ولا يفهم منه لا حقيقة ولا مجازا، وأما قولك: للأمير

فليس مسندا إليه، وأما على التقدير الآخر أن المراد بالإسناد النسبة - ولا تستبعده - فسيأتى عن سيبويه والسكاكى مثله فى الكلام على أسباب العلمية، فالحكم على ما سبق واضح؛ لأنه يكون تعلق الصفة بالموصوف، كراضية بعيشة، وغيره مجازا، من غير نظر إلى ضميره المستتر فيه، ويكون فى (ضرب زيد عمرا) إسناد باعتبار الفاعلية، وإسناد باعتبار المفعولية.


(١) البيت بلا نسبة فى شرح عقود الجمان ١/ ٤٥.
(٢) سورة الحاقة: ١٣.
(٣) سورة يونس: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>