للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعرفة حقيقته:

إمّا ظاهرة: كما فى قوله تعالى: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ (١) أى: فما ربحوا فى تجارتهم.

وإمّا خفيّة: كما فى قولك: سرّتنى رؤيتك، أى: سرّنى الله عند رؤيتك، وقوله [من مجزوء الوافر]:

إذا ما زدته نظرا (٢) ... يزيدك وجهه حسنا

أى: يزيدك الله حسنا فى وجهه.

ــ

المسند إليه، أو قيامه به، ليدخل ذلك كله. وقوله: كقولك: محبتك جاءت بى إليك الباء فيه للتعدية، أى محبتك أحضرتنى، وإنما أتت به نفسه، كذا فى الإيضاح، ويصح أن يقال: إنما أتى به الله تعالى وقوله: (أو عادة) أى استحالة عادة نحو: هزم الأمير الجيش، وبنى المدينة؛ لأن العادة أنه لا يفعل ذلك وحده. وقوله: وصدوره عن الموحد فى مثل: (أشاب الصغير) يعنى أن العلم بأن قائل ذلك البيت موحد قرينة صرفت الإسناد إلى المجاز.

(قلت): وهذا القسم هو الأول؛ لأن العقل يقضى باستحالة صدور الإشابة والإفناء من غيره عز وجل، فأى فرق بين هذا وبين الأول؟ ثم لا نسلم أن القرينة هنا غير لفظية؛ لأن تلك القصيدة فى بعض أبياتها ذكر النبى فهو قرينة لفظية، كبيت أبى النجم، أنشد صاحب التتمة فى أولها:

على دين صدّيقنا والنّبى (٣) ... فملّتنا أنّنا مسلمون

فإن قلت: قد تقدم من المصنف أن ذلك البيت لم يحمل على المجاز، قلت: ليس كذلك، بل الذى تقدم أن نحو ذلك البيت لا يحكم عليه بالتجوز ما لم يعلم أن قائله أراد معناه، وقد علم.

ص: (ومعرفة حقيقته ... إلخ).

(ش): معرفة حقيقته أى حقيقة المجاز الإسنادى إما أن يريد معرفة وجوده، أو معرفة كيفية ملابسته، إما ظاهرة أى واضحة، أو خفية، والمعرفة لا توصف بالظهور


(١) البقرة: ١٦.
(٢) البيت لأبى نواس الشاعر، أورده فخر الدين الرازى فى نهاية الإيجاز ص ١٧٧ بلا عزو.
(٣) البيت فى شرح عقود الجمان ١/ ٤٨ من إنشاء صاحب اليتيمة فى أولها.

<<  <  ج: ص:  >  >>