للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنكره (١) السكاكىّ؛ ذاهبا إلى: (أنّ ما مرّ ونحوه استعارة بالكناية؛ على أنّ المراد بالربيع الفاعل الحقيقىّ؛ بقرينة نسبة الإنبات إليه، وعلى هذا القياس غيره):

وفيه نظر (٢):

أ - لأنه يستلزم أن يكون المراد ب عيشة فى قوله تعالى: فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٣): صاحبها؛ كما سيأتى.

- ألّا تصحّ الإضافة فى نحو: نهاره صائم خ خ؛ لبطلان إضافة الشئ إلى نفسه.

- وألّا يكون الأمر بالبناء لهامان.

- وأن يتوقّف نحو: أنبت الربيع البقل على السمع.

واللوازم كلّها منتفية.

ب - ولأنه ينتقض بنحو: نهاره صائم خ خ؛ لاشتماله على ذكر طرفى التشبيه.

ــ

والخفاء باعتبار نفسها، بل باعتبار سهولة تحصيلها وعسره، فإنها قد تدرك بالبديهة، أو بأدنى تأمل، فتسمى ظاهرة، وقد تحتاج لطول نظر فتكون خفية، ومثل الظاهرة بقوله تعالى: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ (٤) أى فما ربحوا فى تجارتهم، والخفية كقولك:

(سرتنى رؤيتك) أى سرنى الله عندها، وهو من الإسناد إلى الظرف المجازى أو من الإسناد بملابسة السبب؛ لأن الرؤية سبب السرور، وكذلك قول أبى نواس:

إذا ما زدته نظرا (٥) ... يزيدك وجهه حسنا

أى يزيدك الله حسنا فى وجهه كذا قاله المصنف.

(قلت): لكن يلزم منه حمل حسنا على استحسانا، فإن الذى ازداد حسنا هو الوجه لا الناظر، ويحتمل أن يقال فيه: إنه على السببية، أى بسبب وجهه، وملابسة هذا بالظرفية كالذى قبله.

(قوله: وأنكره السكاكى) قال السكاكى: الذى عندى نظمه فى سلك الاستعارة بالكناية فى قولهم: أنبت الربيع البقل إلخ، وأورد عليه المصنف ما أورده، وفيه نظر؛ أما


(١) أى: أنكر السكاكى المجاز العقلى.
(٢) أى: فيما ذهب إليه السكاكى نظر.
(٣) القارعة: ٧.
(٤) سورة البقرة: ١٦.
(٥) البيت لأبى نواس فى ديوانه ص ٣٥، ط. بيروت، والتلخيص ص ١٣، وشرح عقود الجمان ١/ ٤٩، والأغانى ٢٥/ ٤١، والمفتاح ص ٢١١، والتبيان للطيبى ١/ ٣٢٢، وبلا نسبة فى نهاية الإيجاز ص ١٧٧، والإيضاح ص ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>