للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جعل ذلك استغراقا عرفيا، فيه نظر؛ لأنه يقتضى أن العرف اقتضى عمومه، وليس كذلك، بل العرف اقتضى تخصيصه ببعض أفراده، والظاهر أنه يريد بالاستغراق العرفى أن ذلك فى العرف يعد مستغرقا، وليس بمستغرق لجميع ما يصلح له، بل لبعض أنواعه.

(تنبيه): اعلم أن كون الألف واللام للعموم أو لا، مسألة مهمة يحتاج إليها فى علوم المعانى، وأصول الفقه، والنحو، ولم أر من المصنفين فى شئ من هذه العلوم، من حررها على التحقيق؛ وها أنا أذكر قواعد يتهذب بها المقصود، ويبنى عليها ما بعدها، وبالله التوفيق:

الأولى: والألف واللام إما أن تكون اسما موصولا، أو حرفا. فإن كانت اسما، فليس كلامنا فيه؛ لأنه حينئذ داخل فى الموصولات، فله حكمها فى العموم بجميع أحواله وهذه فائدة جليلة يستفاد منها: أن غالب ما يستدل به من لا أحصيه عددا من الأئمة، فى إثبات العموم، أو نفيه من المشتقات المعرفة بالألف واللام، مثل:

فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ (١)، الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي (٢)، وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ (٣) ليس من محل النزاع فى شئ، إنما النزاع فى الألف واللام الحرفية بشروط ستأتى.

وليتنبه لفائدة جليلة أيضا، أهملها النحاة، أو أكثرهم، وهو أن إطلاق أن الألف واللام الداخلة على المشتقات موصولة، لا يصح؛ لأنها إنما تكون موصولة، حيث أريد بها معنى الفعل من التجدد، أما إذا أريد بها الثبوت، فلا. فخرج بذلك أسماء الفاعلين، وأسماء المفعولين إذا قصد بها الثبوت، وخرج بذلك: أفعل التفضيل، وخرجت الصفة المشبهة فإنها يقصد بها الثبوت، ولذلك قال ابن الحاجب، فى نحو قوله تعالى: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٤): إن الألف واللام هى المعرفة الموصولة، فلا حاجة لتقدير عامل. وبهذا يعلم أن إطلاق أهل المعانى أن الاسم يدل على الثبوت والاستقرار، ليس ماشيا على عمومه.

الثانية: ما تدخل عليه الألف واللام الحرفية، التى ليست شيئا مما سبق أقسام:


(١) سورة التوبة: ٥.
(٢) سورة النور: ٢.
(٣) سورة المائدة: ٣٨.
(٤) سورة يوسف: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>