للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وقد يأتى لواحد باعتبار عهديّته فى الذهن؛ كقولك: ادخل السوق خ خ؛ حيث لا عهد، وهذا فى المعنى كالنّكرة.

٤ - وقد يفيد الاستغراق (١)؛ نحو: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)، وهو ضربان:

- حقيقىّ؛ نحو: عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ (٣) أى: كلّ غيب وشهادة.

- وعرفىّ؛ نحو: جمع الأمير الصّاغة، أى: صاغة بلده أو مملكته.

ــ

وقد يكون جنسيا، بمعنى إرادة جنس هو نوع لما فوقه، كقولك: الرجل، تريد به فردا من أفراد الرجال الحجازيين دون غيرهم، وهذا يقع كثيرا فى الكلام ولعل منه قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ (٤) فإن المراد جنس كتب الله، ليكون صالحا للتوراة، والإنجيل، والزبور التى أوتيها من تقدم ذكره من الأنبياء صلّى الله عليهم وسلم تسليما فاللام فيه عهدية جنسية، وكذا قوله تعالى: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ (٥) قال الزمخشرى: أى جنس كتب الله المنزلة، وتصير هذه الألف واللام عهدية، جنسية، استغراقية. وعلى هذا فينبغى أن يجعل: (وليس الذكر كالأنثى) من هذا القسم؛ فإن المعهود الذكر الذى قام بذهنها كيفيته المطلوبة، وذلك معهود جنسى لا شخصى، كما سبق فى: ولقد أمر على اللئيم.

الثالث: أن تكون للاستغراق، وإليه الإشارة بقوله: وقد يفيد الاستغراق، وإنما قال: وقد يفيد لأنه يريد أن اللام الجنسية قد تفيد الاستغراق ومعنى الجنسية مع ذلك لا يفارقها، ومثله بقوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) فإنه عام، بدليل الاستثناء منه، وكذلك: خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (٦) ثم قال: إن الاستغراق على قسمين:

أحدهما: حقيقى، نحو: عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ (٣) فإن معناه: كل غيب، وكل شهادة، وفى جعل هذا من هذا القسم بحث، سيأتى إن شاء الله.

والثانى: عرفى، كقولنا: جمع الأمير الصاغة أى: صاغة بلده أو مملكته. والحق وهذا أنه عام أيضا؛ ولكنه مخصوص بالعقل، كقوله تعالى: خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ (٧) ثم


(١) أى المعرف باللام المشار بها إلى الحقيقة.
(٢) سورة العصر: ٢.
(٣) سورة السجدة: ٦.
(٤) سورة الأنعام: ٨٩.
(٥) سورة البقرة: ١٧٧.
(٦) سورة النساء: ٢٨.
(٧) سورة الأنعام: ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>