للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رواه البحترى فى حماسته: ولقد مررت. لا يقال: كل ما يقع فى الوجود مشخص؛ لأنا نقول: لو نظر لذلك، لما

كان العهد مفارقا الأداة، قال: وهذا فى المعنى كالنكرة، ولذلك يقدر يسبنى وصفا للئيم، لا حالا. يعنى أن اللئيم لما لم تكن الأداة فيه لمعين يعرفه المخاطب، صار شائعا بحسب الظاهر، فعومل معاملة النكرة، فصح وصفه، وإن كان معرفة بيسبنى، وإن كان نكرة. ولو عومل معاملة المعرفة، لجعل حالا، والحال فى المعنى غير مقصود؛ لأن الحال يدل على الانتقال، وليس ذلك مقصودا هنا. ومن حيث اللفظ أيضا لا يتضح؛ لكونه فى حكم النكرة على ما سبق وسيأتى الكلام على ذلك فى الكلام على الحال.

ومثله فى القرآن كثير كقوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ (١)، وقوله تعالى: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ (٢) إلى أن قال: لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً فإن قلت: لأى شئ فصل المصنف بين هذا، وما قبله من العهد بالجنس، وإن كان هذا والأول عهديين؟ قلت: لأن هذا وإن كان عهديا، فهو من حيث شياعه فى الظاهر كالجنس، فجعل بعدهما؛ لأن فيه شبها من كل منهما، ولك أن تقول: أقرب من هذا القسم شبها بالنكرات، ما اشتمل على الأداة الجنسية التى لتعريف الحقيقة، فإن شياعها فى نفس الأمر، وشياع ما نحن فيه فى الظاهر فقط، فكان أولى أن يعامل معاملة النكرات فى الوصف، وغيره. ولا شك أن الأمر كذلك؛ لكن ظاهر عبارة المصنف خلافه.

وقد يجاب: بأن مدلول الجنسية هو الحقيقة، من غير نظر لإفرادها، وهى حينئذ غير مبهمة لكن لك أن تقول حينئذ: فما الذى أفادته هذه الأداة؟

(تنبيه): نسبة ما نحن فيه من التوسط بين العهد الشخصى والجنسى المعهود الجنسى، فإن العهد قد يكون شخصيا، كقوله تعالى: فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ (٣)


- الإعجاز ص ٢٠٦، والإشارات والتنبيهات ص ٤٠، والمفتاح ص ٩٩، وشرح المرشدى ١/ ٦٢، والتبيان ١/ ١٦١، وثمت حرف عطف لحقته تاء التأنيث، وقوله (أمرّ) مضارع بمعنى الماضى لاستحضار الصورة، ورواية الكامل" فأجوز ثم أقول لا يعنينى".
(١) سورة يس: ٣٧.
(٢) سورة النساء: ٩٨.
(٣) سورة المزمل: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>