للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كل ما أشكل على من لا أحصيهم عددا من الأئمة المتقدمين والمتأخرين، من أنه كيف يجتمع العموم مع جمع القلة، والأول يستغرق الأفراد، والثانى لا يجاوز العشرة، لأنا بينا أنه يجتمع مع ما يتجاوز الواحد. فاجتماع العموم مع ما لا يتجاوز العشرة، أوضح فإذا قلت: أكرم الزيدين فمعناه: أكرم كل واحد مجتمع مع تسعة، أو دونها إلى اثنين، بخلاف: أكرم الرجال، فمعناه: أكرم كل واحد منهم منضم إلى عشرة فأكثر. ويجوز التخصيص فى نحو: الضربة

إلى أن يبقى واحد، وفى نحو: الزيدين إلى أن يبقى ثلاثة، وفى نحو: الرجال إلى أن يبقى أحد عشر، إن فرعنا على جواز التخصيص، إلى أن يبقى فرد من أفراد العام، وفرعنا على أن معنى الجمعية باق.

الثامنة - يشترط فى عموم الاسم الذى تدخل عليه هذه الأداة، أن تكون مادته، غير صارفة عن العموم، كالبعض، والجزء، والنصف، والثلث بالنسبة إلى الباقى. فإذا قلت:

أخذت البعض من الدراهم، وأكلت الثلث من الرغيف، لا يتخيل أحد أنه يعم الأبعاض والأثلاث، وإن كان داخلا فى إطلاقهم. وإنما لم يعم؛ لأن هذه الكلمة إنما تستعمل غالبا لإرادة عدم الاستيعاب، ولذلك احتاجوا إلى تأويل قوله: وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ (١) وقول الشاعر:

ببعض ما فيكما إذ عبتما عورى ... لولا الحياء ولولا الدّين عبتكما

فمن قائل: هو على سبيل التنزل، ومن قائل: هى فيه بمعنى كل، ولم نر أحدا أجاب بأن هذا اسم أضيف، فيعم جمع الأبعاض. فإن قلت: قد قال المنطقيون: إن الجزئية المسورة ببعض، لا تنافى صدق الكلية لصحة بعض الإنسان حيوان. قلت:

ونحن لا ندعى امتناع الصدق، وإنما ندعى العلية. نعم البعض، والجزء، والثلث، قد يعم كغيره من الأسماء، كقولك: الثلث أكبر من الربع، والبعض لا يطلق على الكل، وكذلك إذا أريد العموم فى أمثاله من ماهية أخرى كقوله صلّى الله عليه وسلّم:" الثلث كثير" (٢) أى كل مال فثلثه فى الإيصاء كثير وإذا قوبل البعض بالبعض فتارة تكون قرينة يمكن معها


(١) سورة غافر: ٢٨.
(٢) أخرجه البخارى فى" الوصايا"، باب: إن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس (٥/ ٤٢٧) (ح ٢٧٤٢) وفى" الجنائز"، ومسلم فى" الوصية" (ح ١٦٢٨) فى حديث مرض سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>