للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القول بالعموم، كقولك: البعض من هؤلاء يحب البعض قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ (١) أى كل واحد ولى الآخر، وتارة تكون معه قرينة تنافى العموم كقوله تعالى: وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ (٢) إذ لا يمكن تفضيل كل منهم صلّى الله عليهم وسلم على الأخير، بل البعض الأول المفضل جميعهم إلا واحدا أو جماعة مستوين، والثانى من عداه، وقد أطلقنا فى هذه المسألة لفظ البعض والكل تبعا لكثرة الاستعمال، وإن كان الأكثرون منعوا دخول الألف واللام عليهما، ومما يلتحق بالبعض فى الاستثناء من العموم فى بعض المواد لفظ

(الآن) فإنه لا يقبل التعدد، فلا عموم فيه إذا قلنا: إن الألف واللام فيه للحضور، كما هو رأى الشيخ أبى حيان، فإن قلنا: زائدة فليست مما نحن فيه فى شئ.

التاسعة: يستثنى من الأداة المذكورة الألف واللام التى فى (التى والذى) وفروعهما، على القول الضعيف: إنها للتعريف، فإنه لا يطرقه الخلاف فى الألف واللام الداخلة على اسم الجنس، بل الموصول الذى هو (الذى والتى) مقتض للعموم، وهو فى العموم أقوى من عموم الجمع المعرف، والقائل به أكثر من القائل بعموم الجمع، ويشترط فيهما أن لا تكون عهدية، ولا قصد بها مجرد الجنس، ولا زائدة، ولا عوضا من مضاف إليه مصحوبها - إن جوزناه، ولا هى للمح الصفة، ولا للغلبة، وذكرنا هذا الأخير وإن كانت الأداة فيه عهدية على المشهور، لأن من الناس من قال: إنها غير عهدية.

العاشرة: تقرر أن الألف واللام للعموم عند عدم العهد، وليست للعموم عند قرينة العهد، لكن هل الأصل فيها العموم حتى يقوم دليل على خلافه؟ أو الأصل أنها موضوعة للعهد حتى يقوم دليل على عدم إرادته فيه نظر، وكلام الأصوليين فيه مضطرب، ومن أخذ بظواهر عبارتهم حكى فى ذلك قولين، ويظهر أثرهما فيما إذا لم تقم قرينة على إرادة عهد، وشككنا فى أن العهد مراد أو لا، هل نحمله على العموم أو لا، والظاهر الأول، فإن قلت: إذا كانت القرينة تصرف إلى العهد وتمنع من الحمل على العموم فهلا جعلتم العام بالألف واللام مصروفا إلى العهد بقرينة السبب الخاص، وقلتم:

إن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ؛ قلت: تقدم السبب الخاص قرينة


(١) سورة التوبة: ٧١.
(٢) سورة الإسراء: ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>