للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستغراق المفرد أشمل؛ بدليل صحة: لا رجال فى الدار خ خ: إذا كان فيها رجل أو رجلان، دون: "لا رجُلَ".

ــ

فى أنه مراد لا أن غيره ليس بمراد، فنحن نعمل بهذه القرينة فنقول: دلالة هذا العام على محل السبب قطعية، ودلالته على غيره ظنية؛ إذ ليس فى السبب ما يثبتها ولا ما ينفيها.

الحادية عشرة: ما كان دالا على الحقيقة - كما ذكرنا - ينبغى أن يعلم أن مدلوله الحقيقة لا بقيد، ولا يقال: هو موضوع للجمع أو الواحد أو التثنية.

قال الإمام فى البرهان: قال بعض من حوم على التحقيق ولم يرد مشرعه: إن المصدر صالح للمجموع وهو فى

حكم اللفظ المشترك بين مسميات، فهو يصلح لآحادها على البدل وهو زلل وذهول عن مدرك الحق؛ وذكر كلاما معناه أن المصدر موضوع للحقيقة لم يوضع لاستعماله فى الواحد أو الجمع أو التثنية على البدل ولم يلاحظ فيه شئ من الثلاثة، ونقل عن سيبويه فى قول القائل: ضربه ضربا كثيرا أن كثيرا صفة والموصوف لا يشعر بالصفة، ولو كان الموصوف يشعر بالصفة لاستغنى عنها وجرت مجرى التأكيد.

(ص): (واستغراق المفرد أشمل بدليل صحة: لا رجال فى الدار، إذا كان فيها رجل أو رجلان).

(ش): هذا الكلام هو الذى دعانا إلى تقديم تلك القواعد السابقة، وهذه العبارة من المصنف سبقه إليها السكاكى، والظاهر أنه أخذ ذلك من قول الزمخشرى عند الكلام على قوله تعالى: كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ (١)، وقرأ ابن عباس: (وكتابه) يريد القرآن أو الجنس، وعنه الكتاب أكثر من الكتب.

فإن قلت: كيف يكون الواحد أكثر من الجمع؟ قلت: لأنه إذا أريد بالواحد الجنس، والجنسية قائمة فى وحدان الجنس كلها لم يخرج منه شئ، وأما الجمع فلا يدخل تحته إلا ما فيه الجنسية من الجموع. اه.

قلت: لا شك أن قولنا: استغراق المفرد أشمل، تارة يعنى به أن المفرد دل على فرد زائد لم يدل عليه الجمع، وتارة يعنى به أن مجموع جزئيات المفرد أكثر عددا من


(١) سورة البقرة: ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>