(تنبيه): الألف واللام عند السكاكى على ما تعرفه من تأمل كلامه، إنما هى لتعريف العهد الذهنى خاصة، وأما الجنسية والاستغراقية والعهدية عهدا خارجيا فكلها داخلة تحت العهد الذهنى والذى ألجأه لذلك، أنه أورد سؤالا حاصله أن قولهم: الألف واللام لتعريف الحقيقة لا يجوز أن يراد به نفس الحقيقة؛ إذ لو كان كذلك لكانت أسماء الأجناس من غير دخول الأداة عليه معارف لدلالتها على نفس الحقيقة، ووضعها لذلك بالإجماع لا يقال: ليست دالة على نفس الحقيقة قبل اللام؛ بل دالة على الوحدة لأن ذلك إن صح فى نحو: رجل وفرس لا يصح فى المصادر كأكل وضرب، فإنه ليس موضوعا للواحد من جنسه لكنها ليست معارف إجماعا ولو كانت معارف لكانت اللام تأكيدا، ولا يجوز أن يراد بكونها للتعريف أن المراد بها الفرد المعين وهو العهد الخارجى، أو غير المعين وهو العهد الذهنى إذ لو كان كذلك لم يبق فرق بين الجنسية والعهدية، لأن الجنسية هى التى يحضر معناها فى الذهن، ولا يجوز أن يكون المراد الاستغراق لأن حقيقة الاستغراق غير تعريف الحقيقة، ولأنه يلزم التناقض لدلالة الاستغراق على التعدد والاسم على الوحدة، وذكر السؤال الذى سيأتى وأورد عليه قطب الدين منع الملازمة ومنع دليلها، وهو قوله: إن تعريف العهد ليس شيئا غير القصد إلى الحاضر فى الذهن؛ فإن فرقا ظاهرا بين، القصد إلى شخص من أفراد الحقيقة حاضر فى الذهن، والقصد إلى الحقيقة من حيث هى هى واعترض عليه بأن الحقيقة إذا أخذت حاضرة فى الذهن تكون فردا من أفراد الحقيقة المطلقة، والمراد بتعريف العهد ليس فردا حاصلا فى الذهن؛ بل أعم من ذلك، وفى الاعتراض نظر والخطب يسير لأن ذلك يرجع إلى اصطلاحين لا مشاحة فيهما، قال المصنف فى الإيضاح: فالحاصل أن المراد باسم الجنس المعرف باللام إما نفس الحقيقة لا ما يصدق عليه من الأفراد، وهو تعريف الجنس والحقيقة ونحوه علم الجنس كأسامة، وإما فرد معين وهو العهد الخارجى ونحوه العلم الخاص كزيد، وإما فرد غير معين وهو العهد الذهنى ونحوه النكرة كرجل، وإما كل الأفراد وهو الاستغراق ونحوه لفظ كل مضافا إلى النكرة كقولنا: كل رجل وقد شكك السكاكى على تعريف الحقيقة والاستغراق بما خرج الجواب عنه مما ذكرنا اه. قال الكاشى: ولم يخرج الجواب عن شك السكاكى مما ذكره، ولا أدرى كيف خرج منه جواب شكه؟ (قلت): لأنه فرق بين العهد الذهنى والجنسى كما فعل قطب الدين، فكيف يظهر له جواب قطب الدين ولم يظهر له جواب الإيضاح والأول داخل فى الثانى؟