رجال؛ فعلى ما سبق فى حال الإثبات وإن أريد بكونه أشمل قوة دلالة المفرد على الاستغراق، فكذلك لأن المقتضى لذلك فى الإثبات هو الأفراد وكذلك هو فى النفى.
الثالثة: أن يكونا منفيين معرفتين بالألف واللام، فالمفرد أيضا أكثر استغراقا باعتبار قوة الدلالة، وباعتبار كثرة أفراده على ما سبق فيه من البحث، وأما دلالته على أكثر مما دل عليه الجمع، فينبنى ذلك على أن أداة العموم أتجعل أفراد الجمع آحادا أو لا؟ فإن قلنا: إن معنى الجمع باق معها فالمفرد ينفى ما لم ينفه الجمع من الواحد الاثنين، وإن قلنا: إنها سلبية وصار الجنس استويا، ويتفرع عليه لو حلف لا يتزوج النساء أو لا يشترى العبيد، فمن قال: ينفى معنى الجمع يقول: لا يحنث إلا بثلاثة وهو مذهبنا كما صرح به الرافعى فى الطلاق محافظة على الجمع، ولم ينظروا إلى كونه جمع كثرة حتى لا يحنث بأحد عشر ولمانع أن يمنع الفرق بين لا أكلم الرجل ولا أكلم الرجال إذا كانت الأداة فيهما استغراقية، ويقول: لا يحنث فى واحد منهما إلا بتكليم الجمع، فإنهما يقتضيان سلب العموم، لا عموم السلب، ويشهد له نص الإمام الشافعى رضى الله عنه على أنه لو حلف لا يقرأ القرآن لا يحنث إلا بجميعه، ولو حلف لا يقرأ قرآنا حنث ببعضه بناء على أن القرآن اسم يقع على كله وبعضه، فقد جعل القرآن بالألف واللام فى النفى للمجموع فلم يحنثه إلا بقراءة الجميع وإن كان مفردا ويشهد لذلك قول أصحابنا: لو حلف لا يشرب ماء البحر لم يحنث إلا بكله، ولا يرد عليه قول أصحابنا: لو حلف لا يتزوج النساء حنث بثلاث ولو حلف لا يشرب الماء حنث ببعضه لأن العرف صرف هذه الألف واللام عن الاستغراق إلى الجنسية، ولم يصرف لا أشرب ماء البحر، فإن الإضافة أدل على العموم من الألف واللام كما صرح به الإمام فخر الدين فى تفسيره فلم يقو العرف لمعارضتها.
وبعد أن انتهت هذه القاعدة على التحقيق، فلنرجع لعبارة المصنف، فقوله:
(استغراق المفرد أشمل) الظاهر أنه يريد أنه يدل على ما لا يدل عليه الجمع بدليل ما ذكره من الدليل وليس إطلاقه بصحيح كما سبق وقوله: بدليل صحة لا رجال إذا كان فيها رجلان إنما يدل على أن استغراق النكرة المفردة فى النفى أبلغ من استغراق الجمع المنكر فيه، وكلامنا إنما هو فى الألف واللام.