للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الجمع اه. يريد كما ذكره شراح كلامه أن المطلق يطلق لفظ التمر بإزاء المعنى الشامل للآحاد، والتمور يلتفت فيه إلى الوحدان فلا يحكم فيه على الحقيقة، بل على أفرادها وهذا عين ما ذكرناه فيما سبق على بحث فيه قدمناه، وقال الزمخشرى: فى قوله تعالى: قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي (١) وحد العظم، لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية وقصده إلى أن هذا الجنس قد أصابه الوهن، ولو جمع لكان قصدا إلى معنى آخر وهو أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها اه. يريد أنه قصد الحكم على حقيقة العظم؛ فإن الحكم عليها يستلزم الحكم على أفرادها كما ذكرنا، ولو جمع لقصد الحكم على الإفراد أولا، والأول أبلغ وإليه يشير بقوله: لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية، يريد أن الجمع لا يدل على الجنسية، إنما يدل على أفرادها فحيث قصد الحكم على الأفراد جمع إشارة إلى اختلاف أنواعها، أو غير ذلك وإليه أشار الزمخشرى فى قوله فى العالمين أنه جمع ليشمل كل جنس مما سمى به أى لتكون الأجناس التى تحته مقصودة، ولم يقصد به الجنس بل قصدت الأفراد، ويحتمل أن يريد الزمخشرى أن الألف واللام فى العظم جنسية لم يقصد بها الاستغراق بالكلية، فلا تكون مما نحن فيه، إذا تقرر ذلك فقول ابن عباس رضى الله عنه فى الكتاب أكثر من الكتب لم يثبت عنه، ولو ثبت أمكن تأويله على المعنى الثالث، ويكون معنى كونه أكثر أن دلالته على الاستغراق أقوى كما سبق، ولا يمتنع أن يقال: مال زيد أكثر من مال عمرو إذا كان مال زيد أجل وأبرك وإن استويا فى الكمية، وإن امتنع ذلك حقيقة لم يمتنع مجازا.

الحالة الثانية: أن يكون المفرد والجمع منفيين نكرتين مثل: ما جاءنى رجل وما جاءنى رجال، فاستغراق المفرد فى مثله أشمل على كل من المعانى الثلاثة السابقة، أما على أن المراد أنه يدل على ما لم يدل عليه الجمع، فلأن ما جاءنى رجل ينفى الواحد، وما جاءنى رجال لا ينفى مجئ الواحد ولا الاثنين لأن مدلوله سواء كان مجموع الرجال أو رجل ورجل ورجل هو سلب العموم لا عموم السلب كما سيأتى تقريره فى موضعه، وإن أريد بكونه أشمل أن أفراد ما جاء رجل أكثر من أفراد ما جاء


(١) سورة مريم: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>