القائم، تخصيص المسند إليه وهو زيد، بالقائم وهو المسند؛ لأن معناه ما القائم إلا زيد، وقولك: القائم هو زيد، تخصيص المسند وهو القائم، بالمسند إليه وهو زيد؛ لأن المخصص أبدا هو الأول؛ والمخصص به هو الأخير؛ لكن القول بأن الصفة هى المبتدأ تقدمت، أو تأخرت، خلاف قول الجمهور. والراجح أن السابق من المعرفتين مبتدأ، واللاحق خبر.
(تنبيه): ترتب على عبارة السكاكى، وهو قوله: إن الفصل لتخصيص المسند بالمسند إليه فساد وهو أن المشايخ: ناصر الدين الترمذى، وشمس الدين الخطيبى، وعماد الدين الكاشى، أوردوا فى شروحهم للمفتاح سؤالا، وهو أن الفصل إذا كان لتخصيص المسند بالمسند إليه، فهو صفة المسند لا المسند إليه؛ لأن تخصيص المسند صفة للمسند ثم اختلفوا فى جوابه، فأجاب الترمذى: بأن الفصل يقترن أولا بالمسند إليه، ثم بواسطة اقترانه به، يحصل تخصيص المسند به، ورد الخطيبى هذا الجواب:
بأن لا نسلم أن اقترانه بالمسند إليه بحسب المعنى الذى هو التخصيص؛ بل اقترانه بحسب التخصيص بهما على السواء. وإنما يقترن بالمسند إليه أولا بحسب اللفظ، ولا اعتبار للاقتران اللفظى. وأجاب الكاشى: بأن فائدة الفصل بالذات موصوفية المسند إليه بالمسند دون غيره، ويلزم منه تخصيص المسند بالمسند إليه، ورده الخطيبى، بأن فائدة الفصل بحسب اللفظ: أن يعلم أن ما بعده خبر، وبحسب المعنى: تخصيص المسند، وعلى التقديرين: فائدته ترجع بحسب الذات إلى المسند، وأن قوله: فائدة الفصل موصوفية المسند إليه بالمسند ممنوع، ولم لا تكون فائدته، كون المسند صفة للمسند إليه دون غيره؟ اه.
وأجاب الخطيبى المشار إليه بأن الفصل عبارة عن المسند إليه ومؤكد له؛ لأنه فى المعنى تكرار له، وإعرابه إعراب المسند إليه على المختار، ويدل على أن المسند إليه معنى يوجد فيه المسند، ولا يوجد فى غيره؛ فلذلك جعل الفصل من الاعتبار الراجع إلى المسند إليه.
(قلت): قد بنوا هذا السؤال على ظنهم صحة قول السكاكى: فائدة الفصل تخصيص المسند بالمسند إليه. وقد ذكرنا أنها فاسدة، فلا محل للسؤال بالكلية، ولزم منه فساد الأجوبة السابقة، فإنها مبنية على فساد.