للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بعده ما يصلح أن يستند إليه، صرفه إلى نفسه، فينعقد بينهما حكم. وربما استمر ذلك، أو يتبين فساده، كقولك: زيد قام أبوه. فإن زيدا يصرف إلى نفسه قبل أن يسمع قوله أبوه. فلا شك أن المبتدأ يصرف ما بعده إلى نفسه، ثم إذا كان فيه ضميره صرفه ذلك الضمير إليه ثانيا، بمعنى أنه قوى الدلالة على صرفه إليه، وحاصله أن الضمير يعين ما كان ظاهرا، ومما يدل على إفادة التأكيد، أن هذا يأتى فيما سبق فيه إنكار، نحو أن يقول الرجل: ليس لى علم بهذا، فتقول: أنت تعلم أن الأمر كذلك، وعليه قوله تعالى: وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١) وفيما اعترض فيه شك، نحو أن يقال: كأنك لا تعلم ما صنع فلان، فتقول: أنا أعلم، وفى تكذيب مدع نحو: وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ (٢) وهو من الأول، وكثيرا ما يستعمل ذلك فى الوعد، والوعيد، والمدح، والافتخار. وقد علم من ذلك أن كل واحد من قسمى الاختصاص والتأكيد، غير متميز عن الآخر، إلا بما يقتضيه الحال وسياق الكلام.

القسم الثانى: من قسمى المسند إليه المثبت المعرفة: أن يكون المسند منفيا نحو: أنت لا تكذب، فإنه أبلغ لنفى الكذب من قولك: لا تكذب، ومن قولك: لا تكذب أنت؛ لأنه تأكيد المحكوم عليه لا الحكم، وعليه قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٣) فإن فيه من التأكيد ما ليس فى: والذين لا يشركون بربهم، أو: والذين بربهم لا يشركون، وقوله تعالى: فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (٤) وهذا يفيد التأكيد والتقوية قطعا: وهل يفيد التخصيص عند الشيخ فيه ما سيأتى؟ وقولهم: فى مثل هذا تخصيصه بالخبر الفعلى لا يقال عليه: إنما حصل تخصيصه بنفى الخبر الفعلى؛ لأن المسند منفى، فإنا نقول: القيام المخبر به مثلا، قد يخبر بنفيه، وقد يخبر بإثباته، وكلاهما خبر فعلى.

القسم الثانى من قسمى المسند إليه: أن يكون نكرة، نحو: رجل جاءنى، وهو للتخصيص عند الشيخ، وذلك على حالتين:

إحداهما: أن يراد به تخصيص الجنس، كما إذا كان المخاطب عرف أنه قد أتاك آت، وهو لا يدرى جنسه، فتقول: رجل جاء أى: لا امرأة.


(١) سورة آل عمران: ٧٨.
(٢) سورة المائدة: ٦١.
(٣) سورة المؤمنون: ٥٩.
(٤) سورة القصص: ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>