للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا لم يحكم بأنه جملة، ولا عومل معاملتها فى البناء ".

ــ

الذى يصرفه للمبتدأ ضعيفة؛ لعدم ظهورها تقول: زيد عارف وأنا عارف وأنت عارف (قوله: ولهذا) أى ولعدم ظهور الضمير فيه لم يحكم عليه بأنه جملة، وإن كان له فاعل ولا عومل معاملة الجملة فى البناء، يعنى أن الجمل من شأنها أن تكون مبنية، لا يظهر فيها إعراب وهذا يظهر فيه، فتقول: جاءنى رجل عارف ورأيت رجلا عارفا ومررت برجل عارف، ولأنه لو كان جملة لوقع صلة؛ لكنه لا يقع إلا بتقدير مبتدأ قبله (قلت): ولك أن تقول: لم يظهر الإعراب فى جاء رجل عارف فى مجموع اسم الفاعل وفاعله ومجموعهما هو الذى يشبه الجملة بل فى عارف فقط وعارف هو لم يظهر فيه إعراب فالأولى أن يقال: لو كان جملة لما تغير جزؤه، فإن الجمل لا يتغير جزؤها بدخول العامل عليه، قال ابن الحاجب فى أماليه: لم يختلفوا فى أن اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة مع الضمير ليست بجمل لأمرين:

أحدهما: أن الجملة هى التى تستقل بالإفادة وهذه ليست كذلك.

الثانى: أن وضعها أن تفيد معنى فى ذات تقدم ذكرها فإذا استعملت مبتدأ خرجت عن وضعها، ولذلك لما خرج بعضها عن هذا المعنى وجعل المعنى الفعل بشرط سبق ما يكون كالعوض عما كان يستحقه من الاعتماد أو كالدال على إخراجه عن وضعه الأصلى جاز أن يكون مع مرفوعه جملة، مثل: أقائم زيد، والذين يخالفون فى زيد ضارب غلامه ويجعلون ضارب غلامه جملة فليسوا يخالفون فى الذى ذكرناه، بل الخلاف فى أنه هل ثبت أن ضارب غلاماه مثل ضارب الزيدان أو لا، فمن جوزه أخرج الصفة عن موضوعها الأصلى واستعملها استعمال الفعل. اه.

واعلم أن السكاكى يريد أن اسم الفاعل يقرب من الفعل فى إفادة التقوية التى هى أعم من التخصيص، والمصنف يوهم أنه إنما يفيد التقوية فلذلك نقل عن السكاكى ما اعترض عليه فيه، وها أنا أذكر، مبينا ما فيه.

قال المصنف حاكيا عن السكاكى: ومما يفيد التخصيص ما يحكيه تعالى عن قوم شعيب عليه الصلاة والسّلام: وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ (١) أى: العزيز علينا رهطك لا


(١) سورة هود: ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>