للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنت، ولذلك قال عليه السّلام: أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ (١) أى من نبى الله، ولو كان المراد ما عززت علينا لم يكن مطابقا.

قال المصنف: (وفيه نظر)؛ لأن قوله: ما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ من باب: أنا عارف، لا من باب: أنا عرفت.

(قلت) وهذا هو الذى يريده السكاكى وباب أنا عارف وأنا عرفت شئ واحد، وقد صرح السكاكى فى فصل القصر بإفادة أنا عارف للحصر، قال: والتمسك بالجواب ليس بشئ؛ لجواز أن يكون فهم كون رهطه أعز عليهم من قولهم: وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ (٢).

قال: وقال الزمخشرى: دل إيلاء ضميره حرف النفى على أن الكلام فى الفاعل لا فى الفعل كأنه قال: وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ بل رهطك هم الأعزة علينا، وفيه نظر، لأنا لا نسلم أن إيلاء الضمير حرف النفى إذا لم يكن الخبر فعليا يفيد الحصر.

(قلت): والخبر هنا فعلى؛ لأن الفعلى أعم من الفعل واسم الفاعل كما سبق، وإنما يريد الزمخشرى إيلاء الضمير حرف النفى مع كون المسند فعليا، نعم فى النفس وقفة من أن السكاكى اشترط إفادة الاختصاص أن يكون فاعلا معنويا لا لفظيا بتقدير التأخير، وما أنا عارف لو تأخر فيه الضمير لكان فاعلا لفظيا، لأنه يصير وضعه ما عارف أنا وهو فاعل لفظى، إلا أن يقال: يعربه حينئذ مبتدأ مؤخرا والمبتدأ فاعل معنوى، لكن كيف يقال حينئذ: إنه كان مؤخرا ثم قدم والفرض أن تقديمه الآن هو الأصل لأنا أعربناه مبتدأ فهو بتقدير تأخيره فى قولنا: ما عارف أنا متأخر عن محله، فإذا قلنا: ما أنا عارف فليس ذلك تقديما بل وضعا للشئ فى محله، وتقدير تأخيره على خلاف الأصل بخلاف الفاعل المعنوى المؤكد مثل: قمت أنا، فإنه بتقدير تأخيره يكون واقعا فى محله؛ لأن وضع الضمير المؤكد التأخير عن المؤكد. فلينظر فى ذلك.

(تنبيه): قال الزمخشرى فى قوله تعالى: وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (٣): هم هنا بمنزلتها فى قول الشاعر:


(١) سورة هود: ٩٢.
(٢) سورة هود: ٩١.
(٣) سورة المائدة: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>