للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممّا يرى تقديمه كاللازم: لفظ مثل وغير فى نحو: (مثلك لا يبخل)، و:

(غيرك لا يجود) بمعنى: أنت لا تبخل، و (أنت تجود) من غير إرادة تعريض لغير المخاطب (١)، لكونه أعون على المراد (٢) بهما.

ــ

وهم يفرشون اللّبد كلّ طمرّة (٣)

فى دلالته على قوة أمرهم لا على الاختصاص. اه. وهى دسيسة اعتزال لأنه لو جعلها هنا للاختصاص لزمه تخصيص عدم خروج الكفار، فيلزم خروج أصحاب الكبائر من المسلمين كمذهب أهل السنة، والزمخشرى أكثر الناس أخذا بالاختصاص فى مثل هذا وغيره من قواعد البيانيين، فإذا عارضه الاعتزال فزع من قواعدهم إليه.

(قوله: ومما يرى تقديمه كاللازم إلخ) يريد أنه إذا استعملت كلمة مثل كناية من غير تعريض كقولك: مثلك لا يبخل ونحوه مما يراد فيه بلفظ مثل غير إفادة الحكم للمضاف إليه، وإنما يريد أن مقتضى القياس أن من كان بهذه الصفة التى هو عليها يكون غير فاعل لهذا الفعل، وعليه قول الشاعر:

سواك يا فردا بلا مشبه (٤) ... ولم أقل مثلك أعنى به

وكذلك حكم غير إذا سلك بها هذا المسلك؛ فتقول: غيرى يفعل ذلك؛ أى لا أفعله فقط من غير إرادة التعريض بإنسان، وعليه قول المتنبى:


(١) لغير المخاطب هكذا فى بعض النسخ، وفى البعض الآخر بغير المخاطب بالباء، والمراد أنه لا يراد بالمثل والغير إنسان آخر مماثل للمخاطب أو غير مماثل بل المراد نفى البخل عنه على طريق الكناية.
(٢) أى بهذين التركيبين لأن الغرض منهما إثبات الحكم بطريق الكناية التى هى أبلغ من التصريح والتقديم لإفادته التقوى أعون على ذلك.
(٣) البيت للمعذل بن عبد الله الليثى، وانظر: الإشارات والتنبيهات ٥٠، ودلائل الإعجاز ١٢٩.
والطمرة: الفرس الكريم، والبيت فى مدح فتيان بنى عتيك، وعجزه:
وأجرد سباح يبذ المغاليا
وقبله:
جزى الله فتيان العتيك وإن نأت ... بى الدار عنهم خير ما كان جازيا
(٤) انظر: التبيان للعكبرى ١/ ١٥٣، دلائل الإعجاز ١٣٩، وهو للمتنبى فى عقود الجمان ص ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>