إنسان على عدم قيام الجملة بالالتزام ودلالة لم يقم كل إنسان على نفيه عن الجملة بالمنطوق.
(قلت): لمن ينازع ابن مالك ويدعى أن لم يقم كل رجل للنفى عن كل فرد فرد أن يمنع أن دلالة لم يقم كل إنسان على نفى القيام عن الجملة بالمنطوق، بل دل على نفى القيام عن كل فرد فرد يصير كأنك قلت: لم يقم كل فرد فرد فهو أيضا عموم سلب، ويلزم منه نفيه عن الجملة بالالتزام أيضا فاستويا، ثم إن ابن مالك قدم أن كل إنسان لم يقم لو لم يكن للعموم لكان تأكيدا، لأن إنسانا يفيد نفى الحكم عن الجملة باعتبار استلزامه له، فقد تضمن هذا الكلام أن كل إنسان لم يقم لو لم يكن دالا على الأفراد وكانت دلالته إنما هى على المجموع لكانت دلالته على الجملة مطابقة ودلالة إنسان لم يقم على نفى الحكم عن الجملة التزاما وجعل الأول تأكيدا للثانى، فكذلك هنا يلزم أن يكون لم
يقم كل إنسان تأكيدا بالنسبة إلى لم يقم إنسان، وإن كان نفى الحكم عن الجملة فى الأول مطابقة وفى الثانى التزاما.
الثالث: أن قوله: إن لم يقم إنسان فى قوة السالبة الكلية لا يصح؛ لأنه إذا عم كل فرد فرد كانت سالبة كلية لا فى قوتها. وأجيب عنه بأن اصطلاح المنطقيين أن السالبة الكلية ما كان مسورا بلا شئ ونحوه لا كل قضية يكون السلب فيها عاما، لكن ذهب كثيرون من الأصوليين إلى أن عموم النكرة فى سياق النفى معناه أن المنفى فيها مطلق الحقيقة فاستلزم نفى الأفراد، فيحسن على هذا أن يقال: لم يقم إنسان ليس سالبة كلية لا لفظا ولا معنى، وليس عاما بالوضع بل استلزم العموم بخلاف كل.
وقد تقرر بما ذكرناه أن الاعتراضين الأولين على ابن مالك صحيحان، لكن قد يقال:
إن لم يقم كل إنسان وإن كان نفيه عن الجملة تأكيدا لما دل عليه لم يقم إنسان من نفى الجملة، فهو تأسيس باعتبار أنه أزال ما دل عليه لم يقم إنسان من نفى القيام عن الأفراد، لأن لم يقم كل إنسان لم يتعرض للحكم على الأفراد بنفى ولا إثبات، ويرد على هذه القاعدة مع ذلك أمور منها: أن قوله: إن المهملة المعدولة المحمول فى قوة السالبة الجزئية ممنوع، لأن الحكم فى المهملة كان على الطبيعة - كما ذهب إليه بعضهم - فالمهملة ليست فى قوة الجزئية، ولا يلزم التأكيد لأن مدلول إنسان لم يقم