للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الذى جرده فى قوله: بك هو فى نفس الأمر نفسه فالتفت له بهذا الاعتبار، وبهذا علمنا أن الالتفات فى بك على رأى السكاكى أوضح من الالتفات الذى فى تكلفنى على قولهما، لأن فى بك خروجا عن ضمير المتكلم إلى شئ لا وجود له بالكلية وفى تكلفنى خروج عن الحقيقة المجردة إلى الحقيقة المجرد عنها، فهو عدول إلى الأصل وبك عدول إلى الفرع، والعدول إلى الفرع أبلغ من العدول إلى الأصل. وقوله تعالى: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ (١) جرد فيه من المخاطبين مثلهم، وعاد الضمير عليهم فهو تجريد والتفات، فالضميران فى نفس الأمر لشئ واحد وبالادعاء لشيئين. وقوله تعالى: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ (٢) فى لفظ الجلالة منه على رأى السكاكى التفات وتجريد وعلى رأى غيره تجريد فقط. وقوله تعالى:

فَسُقْناهُ التفات على رأيهما، لأنه عائد على الله تعالى حقيقة والكلام فيه كالكلام فى تكلفنى ليلى. وقوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ التفات على رأى السكاكى، وتجريد وَإِيَّاكَ التفات لا تجريد على بحث فيه، وسيأتى بقية الكلام عليه إن شاء الله تعالى.

الثانى: فى الفرق بين التجريد والالتفات، وقد علم مما سبق أن بينهما عموما وخصوصا من وجه: فيوجد التجريد دون الالتفات كقولك: رأيت منه أسدا ومثل: تطاول ليلك على رأى الجمهور، والالتفات دون التجريد نحو: تكلفنى ليلى ونحو:

فَسُقْناهُ، والتفات وتجريد نحو: فَصَلِّ لِرَبِّكَ ولا واحدا منهما كغالب القرآن.

الثالث: فى وضع الظاهر موضع المضمر وعكسه بالنسبة إلى الالتفات فعند السكاكى قد يجتمع وضع الظاهر موضع المضمر مع الالتفات كقوله تعالى:

وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ (٣) وأمير المؤمنين يأمرك بكذا وقد ينفرد الالتفات نحو: تطاول ليلك، وليس فيه وضع الظاهر موضع مضمر، بل وضع مضمر موضع مضمر، وقد ينفرد وضع الظاهر عن الالتفات كقوله تعالى: إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤) فإن أصله أنه لتقدمه فى قوله: أَحَبُّ إِلى


(١) سورة يونس: ٢٢.
(٢) سورة فاطر: ٩.
(٣) سورة فاطر: ٩.
(٤) سورة يوسف: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>