للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتغليب يجرى فى فنون كثيرة؛ كقوله تعالى: وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (١)، وقوله تعالى: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٢)، ومنه: أبوان، ونحوه.

ــ

لهم من أن الريب هو الشك، وأن الذهن زاغ عن الريب الذى يطلبه (إن)، وهو ريب الإنسان المتكلم إلى الريب الذى هو فعل الشرط، ثم لو ثبت للمصنف ما ادعاه فى الآية الكريمة من التغليب وقع النزاع معه ومع السكاكى فى جعله التغليب من النكت التى لأجلها تستعمل (إن) فى المجزوم به؛ وذلك لأن هذا العلم إنما يتكلم فيه فى النكت المعنوية لا اللفظية، والتغليب أمر لفظى لا يؤتى به إلا لنكتة معنوية تحمل عليه، فإن أراد المصنف أن التغليب نكتة لم يصح، وإن أراد أنه لا بد من اشتماله على نكتة معنوية لأجلها تستعمل (إن) فى الجزم فليس فى ذلك بيان لما هو بصدده، من نكتة استعمال (إن) فى الجزم، وربما كانت تلك النكتة الحاملة على التغليب هى إحدى النكت السابقة.

ثم اعلم أن السكاكى قال: وأما قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا (٣)، وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ (٤) وذكر ما سبق أراد والله أعلم بقوله:

وإن كنتم فى ريب من البعث قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ لأن التلاوة إِنْ كُنْتُمْ بلا واو، والواو من كلام السكاكى عاطفة، ولا ينكر ذلك، فهو كقوله: (فى كتاب هرقل: ويا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ (٥) الآية فكأن المصنف توهم أن هذه الواو من القرآن الكريم فقال فى الإيضاح: وكذلك قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ (٦) وهو غلط سببه ما سبق.

ص: (ثم التغليب يجرى فى فنون ... إلخ).

(ش): لما توهم المصنف أن ما سبق محتمل للتغليب استطرد لذكر باب التغليب، وليته لم يذكره هنا؛ لعدم ثبوت أن ما سبق من التغليب، فقال: إن التغليب يجرى فى فنون، كقوله تعالى:

وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ غلب فيه المذكر على المؤنث. وقد يكون بتغليب المخاطب على غيره، كقوله تعالى: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ أصله يجهلون بالياء فغلب؛ لأن قوما فى معنى المخاطب.


(١) سورة التحريم: ١١.
(٢) سورة النمل: ٥٥.
(٣) سورة البقرة: ٢٣.
(٤) سورة الحج: ٥.
(٥) حديث هرقل مع أبى سفيان أخرجه البخارى فى" بدء الوحى"، باب: كيف كان بدء الوحى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. (١/ ٤٢)، (ح ٦)، وفى غير موضع من صحيحه الآية ٦٤ من سورة آل عمران.
(٦) سورة الحج: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>