للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا (١) يحتملها.

ــ

الصرف، و (صفحا) مصدر من المعنى أو مفعول من أجله أو حال أى صافحين، إن جوزنا وقوع المصدر حالا فى القياس ويحترز بقراءة الكسر عن قراءة الفتح فمعناه ألأجل إسرافكم نضرب عنكم الذكر فلا تؤمرون ولا تنهون، وإما أن يؤتى (بإن) للتغليب، بأن يسند فعل الشرط إلى جماعة بعضهم مقطوع بوقوع الفعل منه، وبعضهم مشكوك فيه، فيغلب المشكوك فى وقوعه منه على غيره.

(تنبيه): حيث ورد فى القرآن الكريم (إن) وليست فى كلام محكى عمن يقع منه الشك استحال أن تكون للشك؛ لأن الله تعالى منزه عنه، وإنما هى على ما يقتضيه المقام من هذه التأويلات.

(تنبيه): قال المصنف تبعا للسكاكى فى قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ: تحتملها، أى تحتمل أن تكون للتوبيخ - كما سبق - وأن تكون لتغليب غير المرتابين من المخاطبين على المرتابين منهم، فإنه كان منهم من يعرف الحق وينكره عنادا.

قلت: لكن التغليب أن تجمع بين ما تقتضيه الكلمة وغيره، وهنا جمع فى فعل الشرط بين مجزوم بأن عنده ريبا، وهم الكفار، ومجزوم بأنه لا ريب عندهم، وهم الذين كانوا يعتقدون الحق بقلوبهم، فلم تستعمل (إن) فى شئ من حقيقتها من الشك ثم غلب عليه غيره، بل استعملت فى شيئين كل منهما غير مدلولها، وليس ذلك من التغليب فى شئ، وما هو إلا كقولك: (إن عاد أمس وطلعت الشمس غدا أكرمتك) فهو تعليق على واجب ومستحيل، وكلاهما خلاف الأصل. وقد مشى شارحو المفتاح والتلخيص على ما ذكره المصنف على ما فيه، ولا يصح كلامه إلا بتأويل، وهو أن يدعى أن بعض المخاطبين كانت حالته حال من يشك الإنسان فى أن عنده ريبا، أو لا كالمنافقين، وبعضهم كان الإنسان يعلم أن عنده ريبا، وهم الكفار الذين يقولون:

لا ندرى، كالذين قالوا: وَمَا الرَّحْمنُ (٢) فحينئذ يمكن أن يقال: بعض المخاطبين من شأنهم الخطاب (بإن)؛ لأن عند الإنسان شكّا فى أن عندهم ريبا أو لا، وبعضهم لا يشك الإنسان فى أن عنده ريبا فغلب المشكوك فى ريبه بالنسبة إلى السامعين على غير المشكوك فى ريبه، وهذا غير ما ذكره المصنف؛ ثم إن فيه من الركاكة ما لا يخفى، ولعل القطع حاصل بأنه غير مراد، وأغلب ظنى أن الوهم سرى


(١) سورة البقرة: ٢٣.
(٢) سورة الفرقان: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>