وقد تستعمل (إن) فى الجزم تجاهلا، أو لعدم جزم المخاطب؛ كقولك لمن يكذّبك:
إن صدقت، فماذا تفعل؟ خ خ، أو لتنزيله منزلة الجاهل؛ لمخالفته مقتضى العلم، أو التوبيخ وتصوير أنّ المقام - لاشتماله على ما يقلع الشرط عن أصله - لا يصلح إلا لفرضه، كما يفرض المحال؛ نحو: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (١) فيمن قرأ (إن) بالكسر، أو تغليب غير المتّصف به على المتصف به،
ــ
ص:(وقد تستعمل (إن) فى الجزم ... إلخ).
(ش): قد تخرج (إن) عن أصلها وتستعمل فى المجزوم به، وذلك إما على سبيل تجاهل المتكلم كقول العبد لمن يطلب سيده:(إن كان فى الدار أعلمته) ليوهمه أنه غير جازم، وإما لعدم جزم المخاطب كقولك لمن يكذبك:(إن صدقت فماذا تفعل؟) لأن المخاطب يشك فى صدقه.
قلت: وينبغى أن قوله: (إن صدقت) يحمل على التعيين، وهو مشكوك فيه، وإن كان الصدق مجزوما به - وإما لتنزيل المخاطب منزلة الجاهل لمخالفته مقتضى العلم، كقولك لمن يؤذى أباه:(إن كان أباك فلا تؤذه) ويصح أن يعبر عن ذلك بتنزيل المتكلم نفسه منزلة الجاهل لإيهام أن الأذى الصادر من الولد لأبيه لا يصدر إلا من الأجنبى؛ فلذلك شكك نفسه فى أنه أبوه، ويصلح للأمرين أيضا قولك لمن يؤذى الناس:(إن كنت مسلما فلا تؤذ المسلمين). وإما للتوبيخ بأن يراد أن فعل الشرط الواقع المجزوم به لقيام البراهين المقتضية لوقوع خلافه كأنه معدوم فيفرض معدوما ويعلق على الشرط كقوله تعالى: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً" أَنْ" كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ على قراءة الكسر، ويرد عليه أمران:
أحدهما - أن المجزوم به إسرافهم فيما مضى، والإسراف للمستقبل بالنسبة إلى العباد مشكوك فيه، وإن كان المراد: إن تبين إسرافكم الماضى لأجل كان فالتبين أيضا للعباد مشكوك فيه.
الثانى - أنه إذا كانت البراهين القاطعة تجعل الإسراف كالمستحيل، فدخول (إن) عليه خلاف الأصل، فإن المستحيل لا تدخل عليه أداة الشرط حقيقة، و (الهمزة) فى الآية الكريمة للإنكار، و (الفاء) عاطفة على جملة محذوفة، و (الضرب) مجاز عن