الثالثة: مفهوم الصفة حجة كما هو مقرر فى موضعه، والقول بالمفهوم فى (لو) على الخصوص كالمتفق عليه؛ أعنى مفهوم الشرط ومفهوم الصفة قريب منه، فإذا قلت:
(لم يعجبنى قيام زيد) اقتضى أن له قياما غير معجب، وإن كانت هذه سالبة محصلة لا تستدعى حصول موضوعها كما تقرر فى المنطق، لكن ذلك بمعنى أن حصول الموضوع فيها غير محقق، أما الدلالة عليه بالمفهوم فلا إشكال فيه، فإذا قلت:(لو قام زيد لما أعجبنى قيامه) فقولك: لما أعجبنى قيامه يدل لفظا على أن له قياما، وأنه غير معجب بتقدير الشرط، أما إنه غير معجب فلأنه منطوق اللفظ وأما أن له قياما فلأنك جعلت عدم إعجاب قيامه مرتبا على قيامه، فصار ثبوت الموضوع وهو القيام قيدا فيه، فليس كقولك:(ما أعجبنى قيام زيد) حتى لا يكون بالوضع تفيد وقوع القيام، بل هو كقولك:(ما أعجبنى القيام الذى وقع من زيد) فالجواب حينئذ سالبة تستدعى حصول موضوعها فى تحقق صدقها بالفعل، وكذلك:(إن قام زيد لم يعجبنى قيامه) و (لو) تدل على امتناع الجواب
وامتناع (ما أعجبنى قيام زيد) مرتب على امتناع القيام الذى هو شرط (لو)، فيصير المعنى لما امتنع قيامه امتنع نفى إعجاب قيامه، ونفى إعجاب قيامه لا يصدق حتى يكون له قيام كما سبق، فصار نفى إعجاب القيام يستدعى القيام لأنه شرطه ودلت (لو) على امتناع القيام، وعلى أن امتناعه شرط لامتناع (ما أعجبنى قيامه)، و (ما أعجبنى قيامه) دال على وقوع القيام، وعدم إعجابه، فامتناعه يصدق بأن لا يقع قيام بالكلية فيمتنع حينئذ أن يقال:(لم يعجبنى القيام) لما يدل عليه مفهومه من وقوع القيام بأن يقع قيام معجب، لكنه قد دل الشرط وهو (لو قام) على أن الواقع من هذين هو امتناع القيام، فتعين أن يكون المراد بما دل عليه الجواب من امتناع (ما أعجبنى قيامه) هو امتناع القيام الذى دل عليه مفهوم قولك: (ما أعجبنى قيامه)، لا أنه وقع قيام معجب؛ إذ لا يمكن وقوع قيام مترتب على امتناع القيام، وحينئذ ينحل الكلام إلى قولنا: امتنع وقوع القيام، وكونه غير معجب، وذلك صادق بأن لا يقع قيام بالكلية. إذا تقرر ذلك: فالنفاد عبارة عن استيفاء العد بعد الشروع فيه، وكلمات الله - سبحانه - وهى علمه وحكمته لم يحصل الشروع فى عدها واستمداد العباد لذلك، وحينئذ فعدم النفاد