للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المستلزم للعد لم يقع، وذلك صادق بأن تكون كلمات الله - سبحانه وتعالى - ما شرع فى عدها، فامتنع عند امتناع كون (ما فى الأرض من شجرة أقلاما) أن يقال: ما نفدت لا لأنها نفدت بل لأنها ما استمد العباد لاستيفائها ولا وجهوا لذلك قصدا. وحاصله أن جواب (لو) مجموع أمرين إثبات، وهو العد، وعدم، وهو أنها لم تنفد، وامتناع الأول يقتضى امتناع مجموع القضية، ولو لم يكن لفظ النفاد يدل على الفراغ بعد الشروع فالجواب صحيح بأن نقول: المعنى لو كان الأمر كذلك لاستوفى العباد ولم يحصل النفاد، لكنه لم يقع ذلك؛ لأنهم ما استمدوا البحار لعدم وجودها. وهذا جواب لا غبار عليه، ولا مزيد على حسنه، وإذا ثبت ذلك فانقله إلى كل موضع كان فيه جواب الشرط معه قيد، مثل: (لو أساء إلىّ زيد لما قابلته) أو (لما أكرمته إكراما كثيرا) وغير ذلك، فإنه ينحل به كثير من الإشكالات.

ومنها: قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ (١) فلو امتنع الجواب لكان التقدير: لكنهم آمنوا وإن لم يشأ الله، وهو محال، وجوابه ما تقدم أى ما كانوا ليؤمنوا بهذه الأمور إلا أن يشاء الله، فامتناع أنهم لا يؤمنون بهذه الأمور إلا أن يشاء الله صادق بعدم وجدان هذه الأمور، والأمر كذلك إذ المراد لامتنع إيمانهم بهذا التقدير.

ومنها: قوله سبحانه وتعالى: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ (٢) فإن انتفاء الإجابة ليس ممتنعا، وهذه الآية الكريمة لا ترد؛ لأن الظاهر أن (لو) فيها بمعنى (إن)؛ لأن التقدير: ولو سمعوا الدعاء المذكور،

والدعاء المذكور مستقبل؛ لأنه دخلت عليه (إن) الاستقبالية، ولو سلمنا أنها امتناعية، فامتناع ما استجابوا يكون إما بالاستجابة أو تقدم الدعاء والمقصود الثانى.

ومنها: قوله تعالى: وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (٣) فإن امتناع الجواب يستلزم أنهم مؤمنون، وجوابه ما سبق إيمانهم بكتاب ينزل على بعض الأعجمين صادق بعدم إنزاله.


(١) سورة الأنعام: ١١١.
(٢) سورة فاطر: ١٤.
(٣) سورة الشعراء: ١٩٨، ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>