المناسبة المعنوية قبل التعليق، والحق أن يقال: موضوع (لو) امتناع الثانى لأجل امتناع الأول، ويلزم من ذلك العلم بامتناع الأول لأجل العلم بامتناع الثانى، فامتناع الأول علة فى امتناع الثانى، والعلم بامتناع الثانى مستلزم للعلم بامتناع الأول، فدلالة امتناع الثانى على امتناع الأول وضعية، ودلالة العلم بامتناع الأول على العلم بامتناع الثانى عقلية، ومن الفرق بين علة الامتناع وعلة العلم به وقع الالتباس.
واعلم أن بدر الدين بن مالك وقع فى كلامه فى تكملة شرح تسهيل والده، على سبيل الاستطراد ما يقتضى موافقة ابن الحاجب؛ حيث قال فى الكلام على استعمال (لو) بمعنى (إن):" إنه امتنع الأول لامتناع الثانى، لكنه سبق، فلم يدل عليه أنه قبيل ذلك قرر المسألة صريحا على ما ذكره الجمهور.
وبعد أن اتضح الكلام على معنى (لو) فلنرجع لعبارة المصنف، فقوله:
(لو) للشرط فى الماضى) أى: فى الزمن الماضى، وقوله: مع القطع بانتفاء الشرط، يعنى: إذا كان المطلوب من استعمال (لو) تحصيل القطع بأن فعل الشرط لم يكن علم أنه لا بد أن يكون ماضيا معنى؛ لأن القطع غالبا لا يكون إلا فى الماضى، وينبغى أن يقول: أو الظن، وما المانع من إخبار الإنسان بانتفاء ما غلب على ظنه انتفاؤه؟
وقوله:(بانتفاء الشرط) لم يتعرض لانتفاء المشروط، فظاهره أنه وافق ابن مالك على أنها تقتضى امتناع الشرط، ولا تقتضى بوضعها انتفاء الجواب، لكنه قال فى الإيضاح:
يلزم امتناع المعلق لامتناع المعلق به، وكأنه يريد أن دلالتها على امتناع فعل الشرط بالوضع، وعلى امتناع المشروط باللازم، وظاهر هذا أن (لو) تدل على امتناع فعل الشرط فقط، وأما امتناع المشروط لعدم الشرط فهو عقلى، وهذا هو عين القول: بأنها حرف امتناع لامتناع، على ما يظهر بالتأمل، وعلى ما حررناه فيما سبق من معنى هذه العبارة. ويبقى الجمع بينها وبين عبارته فى التلخيص أن يكون المراد القطع بانتفاء الشرط لا بالوضع، لكن يلزم عليه أن يكون هذا الحد ليس فيه بيان لمدلول (لو) وضعا، بل إنما يكون فيه بيان لما يلزم مدلولها الوضعى؛ لأن معنى قولهم: حرف امتناع لامتناع - امتناع الثانى لامتناع الأول، وامتناع الثانى على عبارة المصنف عقلى، وامتناع الأول هو المدلول.