للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيلزم عدم الثبوت

ــ

وقوله: (فيلزم عدم الثبوت) أى: فى كل من الجملتين؛ لأن الثابت يمتنع أن يكون منفيا حالة

الثبوت، والمراد بعدم الثبوت عدم ثبوت ما دخلت عليه نفيا كان أم إثباتا؛ فإن (لو) تقلب الإثبات نفيا، وبالعكس، فإذا قلت: (لم يقم) دل على ثبوت عدم القيام، وذلك بثبوت القيام. هذا مضمون كلامهم.

وقوله: (يلزم عدم الثبوت) يعنى بالنسبة إلى الزمن الماضى؛ إذ لا يمتنع أن تقول:

(لو قام زيد أمس لقام عمرو)، وإن كانا قائمين الآن. ومراده أن ذلك يلزم أن لا يخرج عنه إلا لنكتة - كما سيأتى - ومقصود المصنف بامتناع الثبوت أنه يمتنع أن تكون واحدة من جملتيها اسمية، بل يجب أن تكون فعلية. فإذا وقع اسم بعد (لو) كان على إضمار فعل يفسره ما بعده، كقوله:" لو ذات سوار لطمتنى"، وقوله:

أخلاى لو غير الحمام أصابكم ... عتبت ولكن ما على الدّهر معتب (١)

وهل ذلك كثير أو نادر؟ اختلف فيه؛ فقيل: يجوز كثيرا وجعل منه: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي (٢) وقيل: قليلا، والآية محمولة على تقدير: كان الأصل لو كنتم، فعلى كل تقدير لا يليها إلا فعل، وهذا الذى قلناه هو إذا كان خبر الاسم فعلا، فإن جاء بعدها جملة من اسمين جوزه الكوفيون واختاره ابن مالك وجعلوا منه: لو بغير الماء حلقى شرق خ خ، ومنعه غيرهم.

واعلم أنه يستثنى من ذلك أن (لو) تليها (أن) كقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا (٣) فإن مذهب سيبويه أن التقدير: ولو صبرهم، على أنه مبتدأ، فقد وليها الاسم. ومذهب المبرد أن الجملة فى محل رفع بفعل مضمر يفسره ما بعده. وكلاهما خروج عن القاعدة السابقة، وذلك شائع سواء كان خبر أن فعلا أم اسما، فالاسم كقوله سبحانه وتعالى:

وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ (٤) وقوله تعالى: وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ (٥).


(١) البيت من الطويل، وهو للقطمش الضبى فى شرح التصريح ٢/ ٢٥٩، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص:
٨٩٣، ١٠٣٦، ولسان العرب ١/ ٥٧٧ (عتب)، والمقاصد النحوية ٤/ ٤٦٥، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤/ ٢٢٩، وتذكرة النحاة ص: ٤٠، والجنى الدانى ص: ٢٧٩، وشرح الأشمونى ٣/ ٦٠١.
(٢) سورة الإسراء: ١٠٠.
(٣) سورة الحجرات: ٥.
(٤) سورة لقمان: ٢٧.
(٥) سورة الأحزاب: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>