الدلالة على المستقبل. قال السكاكي: سلبت الدلالة على معناها الأصلى، وهو المضى، بإدخال (ما) للدلالة على الاستقبال. قلت: يريد أن (ما) الكافة عن الإضافة أورثتها إبهاما فقوى شبهها (بإن) فى الاستقبال.
ومنها:(متى)، وهى لتعميم الأوقات فى الاستقبال، أى: تدل على وقت من الأوقات المبهمة فى الاستقبال، بحسب الوضع، و (متى ما) أعم منها؛ لأنها للدلالة على كل وقت من الأوقات المستقبلة، كذا قال الخطيبى، وما قاله غير موافق لكلام الأصوليين، ولا للفقهاء. أما الأصوليون: فإنهم جعلوا أسماء الشرط كلها عامة، من غير فرق بين (متى) و (متى ما) وغيرهما، وأما الفقهاء: فالصحيح عندنا أن (متى) لا تقتضى التكرار، وكذا الصحيح فى (متى ما) ونقله أبو البقاء عن ابن جنى، ولا يشترط فى (متى) توافق زمن الفعلين، بل يصح (متى زرتنى اليوم زرتك غدا) ولا يصح ذلك فى (إذا) ثم قوله: إن (متى ما) أعم من (متى) مخالف لبقية كلامه؛ فإنه جعل عموم (متى) باعتبار الصلاحية، وعموم (متى ما) باعتبار الاستغراق؛ وحينئذ ليس بينهما اشتراك يصلح للعموم الاستغراقى.
ومنها:(أيان) لتعميم الأوقات كمتى.
ومنها:(أين) لتعميم الأمكنة والإحياز، والحيز عند المتكلمين أعم من المكان؛ فإنه محل الجوهر الفرد وغيره، والمكان محل الجسم فقط، و (أينما) أعم منها، وكالتفصيل السابق بين (متى) و (متى ما)، و (أين) و (أينما) فصل
السكاكى والخطيبى بين (إذا) و (إذا ما) فقالا: إن معنى (أجيئك إذا طلعت الشمس): المجئ فى طلوعها فى غير ذلك اليوم، و (أجيئك إذا ما طلعت الشمس) معناها: المجئ عند طلوعها فى أى يوم كان.
ومنها:(حيثما) وهى نظير (أينما).
ومنها:(من) لتعميم أولى العلم مطلقا، والصحيح أنها تعم المؤنث، وقد حققنا هذه المسألة فى شرح مختصر ابن الحاجب، وسيأتى بقية الكلام على (من) فى باب الاستفهام.
ومنها:(ما) لتعميم الأشياء كقوله تعالى: وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ (١) وقولنا: لتعميم الأشياء؛ جرى على عبارتهم، والأولى أن يقال: للتعميم، ولا