للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما نحو: زيدا عرفته فتأكيد إن قدّر المفسّر قبل المنصوب؛ وإلا فتخصيص.

وأمّا نحو: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ (١): فلا يفيد إلا التخصيص؛ وكذلك قولك: بزيد مررت خ خ.

والتخصيص لازم للتقديم غالبا؛

ــ

المصنف - وينبغى أن يقيد كونه تأكيدا بما إذا كان مرادا به الاختصاص، فإن لم يرد فيكون قولك: لا غيره تأسيسا لا تأكيدا، إلا أن يريد أنه تأكيد لتعلق الفعل بالمفعول السابق، وإن أفاد نفى غيره، قال المصنف: ولذلك لا يقال: ما زيدا ضربت ولا غيره لتناقض دلالة الأول والثانى؛ لأن ما زيدا ضربت، خاطبت به من يعلم أن إنسانا ضربته، ولكنه غلط فى تعيينه وأصاب فى معرفة إنسان فى الجملة، وقولك: ما زيدا ضربت ولا غيره، يخالف ذلك، ولك أن تقول: لم لا يقدم المفعول إذا كان الخطاب مع من يعتقد أنك ضربت زيدا وهو مخطئ فى أصله، وفى تعيينه بأن يكون الواقع أنك لم تضرب أحدا، ويصح حينئذ: ما زيدا ضربت ولا غيره، قال: وكذلك لا يجوز أن تعقب الفعل المنفى بإثبات ضده كقولك: ما زيدا ضربت ولكن أكرمته؛ لأن التقديم إنما يكون لرد الخطأ فى تعيين المفعول فيرد إليه بالتقديم لا لرفع الخطأ فى المسند، بل إنما يحسن الرد هنا بأن يقال: ما زيدا ضربت ولكن عمرا. وأما نحو قولك: زيدا عرفته، فإن قدر العامل قبل قولك: زيدا، فليس مما نحن فيه؛ لأن المفعول حينئذ غير مقدم، فلا يكون فيه إلا تأكيد بإعادة الجملة، وإن قدر بعد المنصوب كان مما نحن فيه، فيكون للتخصيص ما لم ينصرف عنه على أن التأكيد حاصل على التقديرين. وقوله تعالى:

وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ للتخصيص؛ لأن عامل ثمود على قراءة النصب مؤخر؛ لأن أما بمعنى: مهما يكن من شئ، فهو

بمعنى فعل، فلا يليها فعل؛ لأنه يجتمع فعلان - كذا قالوه - وفيه نظر سيأتى قريبا.

وكذلك تقديم ما ليس مفعولا صريحا كقولك: بزيد مررت، وهو المراد بقوله:

ونحوه، على ما قيل، والمراد به نحو المفعول من الحال والظرف ونحوهما؛ فيكون تقديم المعمول مطلقا مفيدا للاختصاص.

قوله: (والتخصيص لازم ... إلخ) أى: التخصيص لازم للتقديم، ويدخل فى قوله سائر المعمولات مع عواملها، فالظاهر أن ذلك لا اختصاص له بالمفعول، وقد صرح


(١) سورة فصلت: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>