للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ (١) بل قوله تعالى: بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ (٢) من أقوى أدلة الاختصاص فإن قبلها لَئِنْ أَشْرَكْتَ (٣) فلو لم تكن للاختصاص، وكان معناها أعبد الله لما حصل الإضراب الذى هو معنى (بل). وقد رد الشيخ أبو حيان على مدعى الاختصاص بنحو قوله سبحانه وتعالى: أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ (٤) وجوابه أنه لما كان من أشرك بالله غيره كأنه لم يعبد الله، كان أمرهم بالشرك كأنه أمر بتخصيص غير الله بالعبادة، ورد صاحب الفلك الدائر الاختصاص بقوله تعالى: كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ (٥) وجوابه أنا لا ندعى اللزوم، بل الغلبة، وقد يخرج الشئ عن الحقيقة، وكذلك الجواب عن قوله تعالى: أَفِي اللَّهِ شَكٌّ (٦) إن جعلنا ما بعد الظرف مبتدأ، وقوله تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ (٧) وربما يستدل له بقوله تعالى: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ (٨) فإن المقصود منه إنما يحصل بادعاء الاختصاص، ويشهد له: أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٩)، وكذلك يدل على الاختصاص قوله تعالى: قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا (١٠)، وقوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا (١١).

(تنبيه): يشترط فى كون التقديم مفيدا للاختصاص على القول به أن لا يكون المعمول مقدما وضعا؛ فإن ذلك لا يسمى تقديما حقيقة، وذلك كأسماء الاستفهام، وكالمبتدأ عند من يجعله معمولا لخبره وأن لا يكون التقديم لمصلحة التركيب مثل: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ (١٢) على قراءة النصب، خلافا لما فى الإيضاح فى الثانى من إفادة الاختصاص.

(تنبيه): وقد اجتمع الاختصاص وعدمه فى آية واحدة، وهى قوله تعالى: أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ (١٣) فإن التقديم فى الأول قطعا ليس للاختصاص، وفى إياه قطعا للاختصاص، كما يظهر بالتأمل.


(١) سورة يوسف: ٤٠.
(٢) سورة الزمر: ٦٦.
(٣) سورة الزمر: ٦٥.
(٤) سورة الزمر: ٦٤.
(٥) سورة الأنعام: ٨٤.
(٦) سورة إبراهيم: ١٠.
(٧) سورة التوبة: ٩.
(٨) سورة التوبة: ٦٦.
(٩) سورة يونس: ٤١.
(١٠) سورة الملك: ٢٩.
(١١) سورة يونس: ٨٤.
(١٢) سورة فصلت: ١٧.
(١٣) سورة الأنعام: ٤٠، ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>