للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشباب يعود. قال الوالد - رحمه الله -: عود الشباب ممكن عقلا ممتنع عادة. قال السكاكى: تقول: ليت زيدا جاءنى، فتطلب غير الواقع فى الماضى واقعا فيه مع حكم العقل بامتناعه، وليت الشباب يعود مع جزمك بأنه لا يعود وليت زيدا يأتينى فيحدثنى فى حال لا تتوقعها ولا طمع لك فيها، فهذه أحسن من عبارة المصنف والقدر المشترك بين الثلاثة عدم التوقع. انتهى. وحاصله أن ما أفهمه كلام المصنف من أن عود الشباب مستحيل عقلا ممنوع، وهو سؤال حسن، لكن يمكن أن يقال: عود الشباب مستحيل عادة، إن فسرنا الشباب بالسن الذى لا يتجاوز الثلاثين، وكونه لم يتجاوز ذلك بعد أن جاوزه جمع بين النقيضين فهو مستحيل عقلا، وإن فسر الشباب بعود تلك القوة والنشاط الحاصل قبل الشيخوخة، جاء ما ذكره الوالد - رحمه الله - وقد يقال باستحالته أيضا؛ فإن نفس تلك القوة يستحيل عودها، إنما الممكن عقلا عود مثلها، لكن القطع حاصل بأن المراد من قولنا: ليت الشباب يعود، عوده بالجنس أو بالنوع، لا بالشخص. بقى على المصنف وعلى السكاكى سؤال آخر، وهو أن ما لا يتوقع، كيف يطلب؟ فالأصوب ما ذكره الإمام وأتباعه من أن التمنى والترجى والقسم والنداء ليس فيها طلب، بل تنبيه ولا بدع فى

تسميته إنشاء وإنما تنازع فى جعله طلبا، وسؤال آخر وهو قوله: ولا يشترط إمكانه يقتضى أنه قد يكون قريبا وبعيدا، ويدخل فى ذلك الترجى، وظاهر كلام النحاة أنه إن كان قريبا فله الترجى، وإن كان بعيدا فله التمنى، وقد صرح بذلك المصنف فى آخر الكلام ثم مقتضى كلامه أن المستحيل أحد محال التمنى، والذى يظهر أن استعماله فيه يقع على خلاف الأصل، وقد أعرب التنوخى فقال فى الأقصى القريب: المتمنى يكون معشوقا للنفس، والمرجو قد لا يكون، ويكون المرجو متوقعا، والمتمنى قد لا يكون فالترجى أعم من التمنى من وجه، والتمنى أعم من الترجى من وجه.

(تنبيه): قال التنوخى أيضا: المرجو بلعل حصول خبرها لاسمها، وقد يكون حصول اسمها لخبرها، وقد يكون حصول الجملة من اسمها وخبرها. انتهى. ولعله يريد بحصول اسمها لخبرها نحو قولك: لعل القيام موجود وبحصول الجملة قولك: لعل أن يقوم زيد، وهذا بعينه ينقل إلى التمنى، وما قاله لا تحقيق له؛ فإن المعنى فى الجميع حصول الخبر للاسم؛ لأن الموضوع لا يطلب حصوله، ثم قال المصنف: وقد يتمنى بهل مثل: هل

<<  <  ج: ص:  >  >>