للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السكاكى: كأنّ حروف التنديم والتحضيض، وهى: (هلّا)، و (ألّا) بقلب الهاء همزة، و (لولا) و (لوما): مأخوذة منهما (١) مركبتين مع (لا) و (ما) المزيدتين؛ لتضمّنهما معنى التمنّى؛ ليتولّد منه فى الماضى التنديم؛ نحو: هلّا أكرمت زيدا! خ خ، وفى المضارع التحضيض؛ نحو: هلا تقوم! خ خ. وقد يتمنّى ب (لعل) فيعطى حكم (ليت)؛ نحو:

لعلّى أحجّ؛ فأزورك خ خ؛ بالنصب؛ لبعد المرجوّ عن الحصول.

ــ

من شفيع، حيث يعلم أنه لم يكن قال تعالى: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا لإبراز المتمنى فى صورة الممكن، وقد يتمنى بلو كقولك: لو تأتينى فتحدثنى، وإنما يتعين لذلك إذا كان بالنصب، فإن لم يكن احتمل ومجئ لو بمعنى التمنى مذهب سيبويه، وأنكره كثير من النحاة والاستدلال على جوازه بقوله تعالى: فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) بنصب نكون فيه نظر؛ لجواز أن يكون معطوفا على كرة كقول الشاعر:

للبس عباءة وتقرّ عينى أحبّ ... إلىّ من لبس الشفوف (٣)

قال السكاكى: وكأن هلا وألا حرفى التحضيض والتنديم مأخوذتان من هل، وكذلك لولا ولو ما زيدت على بعضها لا، وعلى بعضها ما، وألا قلبت فيها الهاء همزة، وركبت هذه الحروف ليتولد منها فى الماضى التنديم نحو: هلا أكرمت زيدا، وفى المستقبل التحضيض نحو: هلا تقوم، وقد يتمنى بلعل، أى: تستعمل لعل فيما بعد، ومن هنا يعلم اختصاص التمنى بالبعيد كما أشرنا إليه، ويعطى حينئذ حكم التمنى فى نصب الجواب، فإن لعل لو كانت على وضعها من التراخى لما انتصب الجواب لا يقال: قوله تعالى: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ (٤)، فيه


(١) أى: من هل ولو اللتين للتمنى.
(٢) سورة الشعراء: ١٠٢.
(٣) البيت من الوافر، وهو لميسون بنت بحدل فى خزانة الأدب ٨/ ٥٠٣، ٥٠٤، والدرر ٤/ ٢٠٩٠، وسر صناعة الإعراب ١/ ٢٧٣، وشرح التصريح ٢/ ٢٤٤، وشرح شذور الذهب ٤٠٥، وشرح شواهد الإيضاح ٢٥٠، وشرح شواهد المغنى ٢٠/ ٦٥٣ ولسان العرب ١٣/ ٤٠٨، والمحتسب ١/ ٣٢٦، ومغنى اللبيب ١/ ٢٦٧، والمقاصد النحوية ٤/ ٣٩٧، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٤/ ٦٧٧، وأوضح المسالك ٤/ ١٩٢، والجنى الدانى ١٥٧، وخزانة الأدب ٨/ ٥٢٣، والرد على النحاة ١٢٨، ورصف المبانى ص ٤٢٣، وشرح الأشمونى ٣/ ٥٧١، وشرح ابن عقيل ٥٧٦، وشرح عمدة الحافظ ٣٤٤، وشرح قطر الندى ٦٥، وشرح المفصل ٧/ ٢٥، والصاحبى فى فقه اللغة ١١٢ - ١١٨، والكتاب ٣/ ٤٥.
(٤) سورة غافر: ٣٦ - ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>