للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يكون معها ما يصرفها لانقطاع ولا اتصال، حتى يعرض ذلك على المعنى ولنوضح ذلك بالأمثلة، فإذا قلت: أقام زيد أم قعد، احتمل أن يكون المعنى أى الأمرين كان منه، ويكون استفهاما واحدا لطلب التصور، وأم فيه متصلة وبذلك صرح الشيخ أبو حيان، ومثله قوله تعالى: أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ العالمين (١) إلا أن الهمزة فيه للتقرير، وكذلك: أزيد قائم أم هو قاعد، ومنه:

ولست أبالى بعد فقدى مالكا ... أموتى ناء أم هو الآن واقع (٢)

وكذلك لو كانت الجملتان لشخصين، وبذلك صرح الشيخ أبو حيان، وأنشد بدر الدين بن مالك - رحمه الله -:

فقلت أهى سرت أم عادنى حلم

واحتمل أن تكون استفهمت فى هذه المثل عن الأول، ثم أردت إضرابا عنه، واستفهاما ثانيا فتكون أم منقطعة، ويكون ذلك استفهاما عن التصديق تاليا للاستفهام بالهمزة، وعن التصديق أيضا، وقد يأتى فى بعض المثل قرينة ترجح أو تعين الاتصال، كقولك: أرضيت أم غضبت، أو الانقطاع كقولك: أقمت أم طلعت الشمس؛ ولذلك اجتمع العقل والنقل على أن أم منقطعة فى قوله تعالى: أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها (٣) ولو قلت: ألهم الإكرام أم لهم الإهانة، لكانت متصلة قطعا فقد اتفقا فى التركيب اللفظى، واختلفا فى المعنى قطعا. ومن الأمثلة المحتملة أيضا قولك: أعندك زيد أم عندك عمرو، والظاهر فيه الاتصال، واضبط هذا المثال فسيحتاج إليه فيما بعد، وإذا قلت: أقام أم لم يقم، فكذلك غير أنه يبعد أن تكون أم فيه منقطعة؛ لأنه يلزم أن يكون فيه إضراب عن الأول إلى الاستفهام عن الثانى، وذلك


(١) سورة ص: ٧٥.
(٢) البيت من الطويل، وهو لمتمم بن نويرة فى ديوانه ص ١٠٥، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٧/ ٥١، وأوضح المسالك ٣/ ٣٦٨، وجواهر الأدب ص ١٨٧، والدرر ٦/ ٩٧، وشرح الأشمونى ٢/ ٤٢١، وشرح التصريح ٢/ ١٤٢، وشرح شواهد المغنى ١/ ١٣٤، ومغنى اللبيب ١/ ٤١، والمقاصد النحوية ٤/ ١٣٦، وهمع الهوامع ٢/ ١٣٢.
(٣) سورة الأعراف: ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>