وجعل السكاكىّ قبح: هل رجل عرف؟ لذلك، ويلزمه ألا يقبح: هل زيد عرف؟ ".
ــ
صحة: هل زيدا ضربته، وعدم قبحه، ومن قبح: هل زيدا ضربت المقتضى لجوازه فى الجملة ممنوع؛ فإن أدوات الاستفهام غير الهمزة إذا وقع بعدها الفعل والاسم قدم الفعل على الاسم، ولا يجوز تقديم الاسم على الفعل إلا فى ضرورة شعر. هذا نص ابن عصفور فى المقرب، وقال سيبويه فى باب ما يختار فيه النصب من أبواب الاشتغال: ولو قلت: هل زيد ذهب؟ لم يجز، وكذلك قال غيره، وقال شيخنا أبو حيان: لو قلت: هل زيدا ضربت لم يجز إلا فى الشعر، فإذا جاء فى الكلام. هل زيدا ضربته، كان ذلك على الاشتغال. هذا مذهب سيبويه، وخالفه السكاكى، وجوز أن يليها الاسم، وإن جاء بعده الفعل. انتهى. وإنما المصنف تبع فى ذلك قول الزمخشرى فى المفصل فإنه قال:
فصل وقد يجئ الفاعل ورافعه مضمر، إلى أن قال: والمرفوع فى قولهم: هل زيد خرج فاعله فعل مضمر يفسره الظاهر، لا يقال: إذا قدر الفعل قبل الاسم فإنما وليها الفعل؛ لأنا نقول: مرادهم أن يليها الفعل لفظا، وهذا كما أن لم وقد وسوف ولن لما كان الفعل مختصا بها لم يلها إلا صريح الفعل، وكذلك لو على مذهب البصريين، وإن كان الصحيح خلافه لمصادمته لقوله تعالى: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ (١) ثم نقول: إن جاز ذلك على رأى الكسائى وجب فيه
الاشتغال، وتقدير الفعل قبله، وحينئذ فلا تقديم فلا اختصاص فلا قبح، فحينئذ قبح هذا باطل قطعا، بل هو بين امتناع وحسن، فجوازه مع قبحه لم يقل به قائل، ثم يرد على الزمخشرى من جهة المعنى ما سيأتى، ثم اعترض المصنف على السكاكى بأنه جعل قبح: هل رجل عرف، للتقديم المفيد للاختصاص قال: ويلزمه أن لا يقبح: هل زيد عرف؛ لأنه يرى أن نحو: زيد عرف ليس فيه اختصاص. قلت: ومن أين للمصنف أن السكاكى يوافق على قبح: هل زيد عرف، إذا كان المقتضى لقبح: هل رجل عرف، عنده إنما هو التقديم المفيد للاختصاص، بل قد يكون له وقد لا يكون، وإنما يقول به غالبا إذا لم يكن للابتداء بالنكرة مسوغ سواه، وقولنا: هل رجل عرف، للابتداء بالنكرة فيه مسوغ، وهو حرف الاستفهام فليس متعينا للاختصاص، ولا راجحا فيه، فكان من