للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلّل غيره قبحهما بأنّ (هل) بمعنى قد فى الأصل.

وترك الهمزة قبلها لكثرة وقوعها فى الاستفهام.

ــ

حقه أن يفصل فيه بين أن يقصد الاختصاص، فيقبح أو لا فلا يقبح، والزمخشرى لا فرق عنده بين زيد عرف، ورجل عرف فى إفادتهما الاختصاص، وقد جوز هذين التركيبين ولم يقبحهما، وسببه أنه يرى أن العامل سابق فلا تقديم فلا اختصاص، لكن يلزمه القول بقبحهما؛ لأن المستفهم عنه ما يلى الأداة فيلزم أن يكون هو المسند إليه هنا فيكون تصورا، وهو لا يجوز بها ولا عذر عن ذلك، إلا أن يقال: المستفهم عنه ما يليها إما لفظا أو تقديرا، والذى ولى هنا تقديرا الفعل قوله: (وعلل غيره) أى: علل غير السكاكى قبح: هل زيد عرف وهل رجل عرف (بأن هل فى الأصل بمعنى قد) كما جاء فى قوله تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ (١) فإذا استعملت فى الاستفهام كان أصله أن يؤتى معها بالهمزة إلا أنه لما كثر وقوعها فى الاستفهام تركوا الهمزة، وكما قبح: قد زيد عرف، يقبح هل زيد عرف. هذا معنى كلام المصنف. قلت: قوله: أصل هل أن تكون بمعنى قد، إن عنى به أنها حال كونها استفهامية بمعنى قد فهو بعيد؛ لأن ذلك يخالف إطباق المعربين على تسميتها حرف استفهام، وإن عنى أن معناها الأصلى قد، ثم استعملت فى الاستفهام، فذلك ممنوع ولو صح لا يقضى بمساواتها لقد فى هذا الحكم، وقولهم: إنهم تركوا الهمزة قبلها؛ لكثرة وقوعها فى الاستفهام يعنى أنها لما كانت متعينة للاستفهام استغنى عن ذكر همزته وفيه نظر؛ لأنه ليس كل شئ كان متعينا لشئ يلتزم فيه ترك أداة ذلك الشئ، فترك الهمزة قبلها لئلا يجمع بين حرفى استفهام لا لكثرة وقوعها فى الاستفهام، والذى أوقع المصنف فى ذلك كلام الزمخشرى فى المفصل حيث قال: وعند سيبويه: أن

(هل) بمعنى (قد) إلا أنهم تركوا الألف قبلها؛ لأنها لا تقع إلا فى استفهام، وقد جاء دخولها عليها فى قوله:

سائل فوارس يربوع بسدتنا ... أهل رأونا بسفح القاع ذى الأكم (٢)


(١) سورة الإنسان: ١.
(٢) البيت من البسيط، وهو لزيد الخيل فى ديوانه ص ١٥٥، والجنى الدانى ص ٣٤٤، والدرر ٥/ ١٤٦ وشرح شواهد المغنى ٢/ ٧٧٢، وشرح المفصل/ ١٥٢، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٣٥٨، والأشباه والنظائر ٢/ ٤٢٧، ٧/ ٥٥، وتذكرة النحاة ص ٧٨، وجواهر الأدب ص ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>