للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السكاكى: يسأل ب (ما) عن الجنس؛ تقول: ما عندك؟، أى: أى أجناس الأشياء عندك؟ وجوابه: كتاب ونحوه، أو عن الوصف؛ تقول: ما زيد؟ وجوابه: الكريم ونحوه، وب من عن الجنس من نوى العلم؛ تقول: من جبريل؟ أى: أبشر هو أم ملك أم جنّىّ؟: وفيه نظر (١).

ــ

درهم، ودرهما بدخول الثلاثة لكل واحد ثلثه وثلاثة، لأن صفة الأعمية فيهم ثلاث مرات فيستحقون بها ثلاثة لكل واحد درهم فمجموع ما يستحقونه سبعة، وعلى هذا القياس قال:

ولم أره منقولا ولا مخلص عنه فيما يظهر لى الآن، إلا أن يقال: لا عموم لها إلا فى مراتب الأفراد، ولكن الأسبق إلى الفهم أنها عامة فيما يصلح، وهى تصلح للأفراد ولمجموع الأفراد، ولكل مرتبة من مراتب المثنى والمجموع، وفيه احتمال آخر، وهو أنه لا يعطى المجموع إلا درهما ومأخذه ما حققناه من أن" من" لا تدل على الأفراد، بل على الماهية مجردة عن وحدة وتعدد، ويظهر أثر ذلك فى النفى فإذا قلت: لا تشتم من يشتمك فالظاهر أن المراد الحقيقة ومعناه غير معنى لا تشتم كل من شتمك، إذا عرف ذلك، فقول المصنف يسأل بها عن العارض، يعنى أن الكلى لا يوجد فى الخارج إلا فى ضمن جزئى وذلك الجزئى مشخص لذلك الكلى فزيد مثلا عارض لماهية الإنسان الكلى ومشخص لها، فتقدير كلامه يسأل بمن عن الشئ العارض للماهية الكلية المشخص لها كقولك: من فى الدار؟ فتقول:

زيد، المعنى أى: عارض مشخص لحقيقة الإنسان هو، ومثله المصنف فى الإيضاح بقولك:

من فلان؟ فتقول: زيد، وهو فاسد؛ لأن فلانا كناية عن العلم فكيف يجاب بذكر العلم؟ ولعل المراد إذا قال شخص: فلان يعمل كذا فتقول: من فلان؟ فيقال: زيد، لكن فى الاستفهام عن ذلك بمن فيه نظر، فينبغى أن يقال: ما فلان؟ لأنه استفهام عن الاسم، فليكن بما سبق، وأورد عليه المصنف أن ما ذكره لا يطرد؛ لأنك تقول: من زيد؟ كقوله:

للجارية السوداء: (٢) " من أنا"؟ وقوله تعالى: مِنْ فِرْعَوْنَ (٣) على قراءة الاستفهام، ولست تطلب بها مشخصا لذى العلم؛ لأن زيدا هو المشخص، (وقال السكاكى: يسأل بما عن الجنس تقول ما عندك؟ أى: أى الأجناس عندك؟) وجوابه: إنسان أو حيوان، مثلا


(١) إذ لا نسلم أنه للسؤال عن الجنس وأنه يصح فى جواب" من جبريل" أن يقال: ملك، بل يقال: ملك من عند الله ونحوه مما يفى تشخصه.
(٢) هو حديث الجارية المشهور الذى أخرجه مسلم فى" المساجد ومواضع الصلاة" باب: تحريم الكلام فى الصلاة، ونسخ ما كان من إباحة (ح ٥٣٧)، عن حديث معاوية بن الحكم السلمى.
(٣) سورة الدخان: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>