للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والعرض والتحضيض والزجر والمبالغة لا تعد فى اجتماع الاستفهام مع كل منها، فحاصله تكمل المحافظة على معنى الاستفهام مع معنى آخر بمعاونة القرائن اللفظية أو الحالية. ومما يؤيد ما قلناه أن ابن الحاجب قال فى شرح المفصل: إن الطلب لا يمكن أن يستعمل مرادا به نوع آخر من الطلب، بل قد يستعمل ويراد به الخبر، وأما طلب آخر فلا، وأنت تجد كثيرا من هذه المعانى السابقة طلبا فإذا تكلفت لبقاء معنى الاستفهام فيه، وأن القرينة دلت على إرادة شئ آخر معه، خلصت من هذا.

(تنبيه): قوله سبحانه: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً (١)، يحتمل أن يكون استفهام تقرير، وكذا صرح به بعضهم، ووجهه أنه طلب منهم أن يقروا بما عندهم فى ذلك؛ ولهذا قال مجاهد: التقدير لا فإنهم لما استفهموا استفهام تقرير بما لا جواب له إلا أن يقولوا لا جعلوا كأنهم قالوها، وهو قول الفارسى والزمخشرى. ويحتمل أن يكون استفهام إنكار بمعنى التوبيخ على محبتهم لأكل لحم أخيهم فيكون ميتة، والمراد بمحبتهم لأكل لحم أخيهم غيبته على سبيل المجاز، وجاء فكرهتموه بمعنى الأمر، أى: أكرهوه، قيل: إن" فكرهتموه" أمر، وقد يأتى الأمر بصيغة الماضى، نحو: اتقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه. ويحتمل أن يكون استفهام إنكار بمعنى التكذيب؛ لأنهم لما كانت حالتهم حال من يدعى أنه يحب أكل لحم أخيه نسب إليهم ذلك وكذبوا فيه ويكون فكرهتموه خبرا.

(تنبيه): نقل الشيخ أبو حيان عن سيبويه أن استفهام التقرير لا يكون" بهل" إنما تستعمل فيه الهمزة، ثم نقل الشيخ عن بعضهم أن (هل) تأتى تقريرا وإثباتا فى قوله تعالى:

هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٢) فأما قول الزمخشرى: إن هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ (٣) للتقرير فتحمل على أنها بمعنى" قد" كما هو مذهبه، فإن الهمزة مقدرة قبله، فالتقرير حينئذ بالهمزة. وقال شيخنا أيضا: إن طلب بالاستفهام تعيين أو توبيخ أو إنكار أو تعجيب كان بالهمزة دون هل، وإن أريد به الجحد كان بهل ولا يكون بالهمزة، ومراده بالجحد القسم الثانى من قسمى الإنكار المتقدمين، ومراده بالإنكار القسم الأول فتعين فى (هل) التى للجحد الاستثناء مثل: وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ (٤).

وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر، ولا يجوز: أزيد إلا قائم.


(١) سورة الحجرات: ١٢.
(٢) سورة الفجر: ٥.
(٣) سورة الإنسان: ١.
(٤) سورة سبأ: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>