وقد تستعمل لغيره؛ كالإباحة؛ نحو: جالس الحسن أو ابن سيرين،
ــ
كونها للطلب، وهو خلاف ما سبق، ويرد على المصنف النهى فإنه طلب لفعل؛ لأن مطلوبه كف النفس، وخرج بقوله الاستعلاء: الدعاء والالتماس، واعترض على المصنف بأن اسم الفعل لا يسمى أمرا فى اصطلاح النحاة، وأجيب بأنه يسمى أمرا، فى اصطلاح أهل المعانى، وقد عده صاحب المفصل أمرا وقول المصنف: لطلب الفعل استعلاء لا يقتضى أنه للوجوب أو له وللندب كما توهمه بعضهم، وربما استفيد الأمر من غير هذه الصيغ، مثل: أوجبت، وما أشبهه. وقول المصنف: استعلاء، لا يصح أن يكون مفعولا من أجله، لكن أن يكون منصوبا على إسقاط الخافض، تقديره: على الاستعلاء، أى:
على جهة الاستعلاء، والنصب يكون بإسقاط تعلى كما مر فى قوله تعالى:
وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ (١) على قول، ثم إذا ثبت أنها حقيقة فى طلب استعلائى، فقد تستعمل لغيره، وذلك على أقسام:
الأول: الإباحة، نحو: جالس الحسن أو ابن سيرين، أى: ابحث لك مجالسة أيهما شئت. قلت: إن كانت أو فى هذا المثال على بابها، فالمعنى: جالس أحدهما، فإن أرادوا أن ذلك لا يجب فهو ممنوع، وما الذى صرفه عن وجوب مجالسة أحد لا بعينه وهو صريح اللفظ، وكون الأصل الجواز أو الحظر لا يقتضى ذلك، وإن أرادوا مع ذلك أنها للإباحة بمعنى أن مجالسة أيهما شاء مباحة، فذلك لا يدفع الجواز، ثم تصير" أو" حينئذ للتخيير، مثل: خذ من مالى درهما أو دينارا، وإن كان المراد أنها بمعنى الواو فما الذى صرفه عن وجوب مجالستها؛ كقولك: جالس الحسن
وابن سيرين، والنحاة يقولون: إن" أو" فى هذا للإباحة، وكلامهم مشكل؛ لأنهم بين قائل: إنها بمعنى الواو، وإنها للإباحة، ولا أدرى ما الذى اقتضى أنها للإباحة إذا كانت بمعنى الواو وهذا رأى ابن مالك، وشيخنا أبو حيان يقول: هى ليست بمعنى الواو، والفرق بينهما أنه لو قال: جالس الحسن أو ابن سيرين، كان له أن يجالس أيهما كان وحده، وأن يجالسهما معا، وإذا قال: جالس الحسن وابن سيرين كان له أن يجالسهما معا، وليس له أن يجالس أحدهما وحده.
قلت: ولا أدرى ما الذى أباح له مجالستهما معا إذا كانت" أو" على معناها