فإذا أتت جملة بعد جملة، فالأولى: إما يكون لها محل من الإعراب، أو لا:
ــ
ذلك لورد عليه الجملتان، لكنه لا يريد ذلك وإنما يريد ترك العطف حال إمكانه لفظا مع بقاء الكلام على حاله، ولا يتأتى ذلك إلا فى جملة مذكورة بعد أخرى، وكأنه اكتفى بلفظ الفصل فإنه لا يعقل إلا بين أمرين فخرجت المفردة؛ ولأنه قطع شئ من شئ ولا يتأتى ذلك فى الجملة المستأنفة وإن كان بعدها أخرى.
ص:(فإذا أتت جملة بعد أخرى إلخ).
(ش): هذا باب عريض لا بد له من التشمير عن ساق الجد ولنقدم مقدمة لا بد منها.
اعلم أنى نظرت فى كلام المصنف وغيره فى هذا الباب فوجدت أقساما متداخلة بين كثير منها وكثير عموم وخصوص من وجه، وبعضها يدفع بعضا ووجدتهم قرروا فيه قواعد لا تخلو عن إشكال، وذكروا أمورا على غير الصواب من جعل ما ليس له محل من الإعراب ذا محل وعكسه إلى غير ذلك مما ستراه إن شاء الله، فاقتضى لى ذلك أنى اخترعت لهذا الباب قاعدة وتقسيما يسهل به تعاطيه، ولا عليك إذا وقفت عليه أن لا تعجل بالرد واستنكار مخالفة ظاهر عبارات القوم التى أقطع أن أكثرها لم يقصدوه، بل اللائق أن تتمهل فى إنكار ذلك حتى تأتى على آخره، على أن غالب ما أذكره من هذه القواعد ليس فيه مخالفة لكلام صاحب المفتاح، إذا تأملته حق التأمل، وإنما وقع الخلل فى كلام من بعده؛ لأنهم لم يتأملوا كلامه فأقول وبالله التوفيق، وهو حسبى ونعم الوكيل: الوصل يكون بين جملتين مشتركتين مع جامع اصطلاحى بلا مانع، وذلك يحصل بأن يتقدم معطوف عليه على معطوف وهما مشتركان فى الجهة الجامعة - على ما سيأتى - ولا يكون لإحداهما حكم تختص به على الأخرى - على ما سيأتى - سواء كان للأولى إعراب يمكن إعطاؤه للثانية وهو معنى قولهم: لها محل أو لم يكن، والجملة التى لا محل لها وغيرها سيان فى اقتضاء العطف وعدمه، والواو وغيرها سواء فى اقتضاء الوصل وعدمه، فليس المعتبر غير الجهة الجامعة سواء أكانت الجملة الأولى لها محل أم لا، وسواء أكان العطف بالواو أم بغيرها، غير أن الجملة السابقة إن كان لها محل من الإعراب كانت الجهة الجامعة أو بعضها ظاهرا، ربما تدرك بالبديهة وإن لم يكن؛ كانت الجهة تحتاج إلى فكر ولا سيما فى الجامع الخيالى، وسبب ذلك أن الجملتين إذا كان لهما محل فلهما طالب لفظى يستدعيهما استدعاء واحدا