وينصبّ إليهما انصبابا واحدا، وإذا لم يكن لهما محل فليس بينهما جامع لفظى، والعطف لا بد له من جامع فاحتجنا إلى النظر فى الجامع المعنوى، لا يقال: ليس العامل فى الجملتين هو الجامع؛ بل بعضه - كما سيأتى - من أنه لا بد له من الاتحاد فى المسند والمسند إليه معا - على رأى المصنف - لأنا نقول: إن سلمنا فللجملتين طالب يطلبهما إما لكونه جامعا أو بعض جامع غير أن العطف إذا كان بحرف غير الواو كان الجامع قريب التناول، ولا يكاد يستعمل ذلك إلا مع حصول الجامع الكامل؛ لأن للمعنى الذى يدل عليه غير الواو من تراخ أو غيره معنى يدور بين الجملتين ويشتركان فيه، كاشتراكهما فى المعنى الإعرابى، إذا كان لها محل فى نحو: زيد يكتب ويشعر، فكما أن زيدا يطلب: يكتب ويشعر، ويشتركان فيه، كذلك الترتيب الذى يقتضى تقديم أحد الأمرين عن الآخر فى نحو: أقوم ثم أقعد، علقة تجعل بين الجملتين جامعا إلا أنه أضعف من الأول؛ لأن الجامع فى الأول وهو العامل فى الجملتين لفظى وفى الثانى الترتيب فهو معنوى لا يقال: مطلق الاشتراك الذى تقتضيه الواو أيضا جامع معنوى؛
لأنه علقة بين الشيئين فيلزم أن يكون مقتضيا لقرب الجامع ووضوحه، لأنا نقول:
التراخى مثلا لا بد له من دليل فاحتجنا فيه لحرف يدل عليه وكفى بذلك سببا للعطف بخلاف الاشتراك فى نحو: قمت وقعدت فإن الاشتراك مستفاد من ذكر الجملتين دون عاطف لا يقال: فيلزم العطف بغير الواو حينئذ ليستفاد هذا المعنى؛ لأنا نقول: العطف من شرطه الجامع - على ما سيأتى - فحيث لم يوجد شرطه تعذر فلا يمكن سلوكه فليعدل إلى استفادة التراخى ونحوه من التصريح بالظرف وغيره من الطرق الإطنابية، فإن اجتمع العطف بغير الواو وكون الجملة الأولى ذات محل من الإعراب تضاعف قرب الاطلاع على الجامع كقولك: زيد يغضب ثم يرضى.
إذا سلمت ذلك فاعلم أنى ذاكر تقسيما لهذا الباب وبعض أمثلة ينشرح لها الصدر لبعض ما سبق مع ما يأتى به - إن شاء الله تعالى - فأقول:
الجملتان المذكورتان سواء كان لهما محل من الإعراب أم لا وسواء قصدت عطف الثانية على الأولى بالواو أم غيرها، وسواء كان بينهما جامع أم لا، وسواء كان بينهما اتصال أم انقطاع إما أن يحصل إيهام غير المراد بفصل إحداهما عن الأخرى دون وصلها، أو يحصل إيهام غير المراد بوصلها دون فصلها أو يحصل بكل منهما أو