(تنبيه): إذا قال: زيد قام وقعد بكر، فهاتان الجملتان لا محل لهما للاستئناف، فإذا حكيتهما فقلت: قال زيد قام زيد وقعد بكر، فهذه الجملة يصدق عليها أن لها محلا فى الحكاية وإن لم يكن لها محل فى الكلام المحكى، والجملتان هنا هما معا فى محل نصب وليست الأولى فى محل نصب والثانية تابعة فإذا وقع الكلام فى عطف الثانية على الأولى كان ذلك من قبيل العطف على ما لا محل له، لأن العاطف عطفها قبل حكايتها، إما تحقيقا كهذا المثال أو تقديرا مثل: سيقول زيد قام عمرو وقعد بكر فلو كان المحكى عنه قال قام عمرو وقعد بكر إما فى وقت أو وقتين فحكيته فقلت: قال زيد قام زيد وقعد بكر، كنت عطفت اعتبارا بالحكاية لا بالمحكى وكان العطف على ما له محل، إذ المعنى: قال هذا وقال هذا.
ولهذا البحث تتمات ذكرناها فى شرح المختصر.
(الثانية): تقدم فى كلامنا أنه تارة يكون لإحدى الجملتين حكم لا يريد إعطاءه للأخرى، يعنى بذلك: أن تكون مشتملة على قيد لفظى كالشرط ونحوه وخرج بقولنا:
قيد أن يكون لها حكم غير قيد كدلالتها على الثبوت بكونها اسمية دون الأخرى، فإن ذلك ليس مما نحن فيه بدليل أنهم سيفردونه بالذكر فى آخر الباب، وكذلك تأكيد إحدى الجملتين بإن واللام، أما القيد اللفظى فإذا قلت: إن جاء زيد أكرمته وهو جدير بذلك احتمل أن تكون الجملة الاسمية معطوفة على الجزاء فيكون معناه: إن جاء زيد فهو جدير بالإكرام، واحتمل أن يكون معطوفا على الجملة الشرطية فتكون غير مقيدة، وإن لم يحصل مرجح لأحد الاحتمالين فينبغى أن يمتنع - كما سيجئ - فإذا قلت:
إن أسلم الناس دخلوا الجنة وهم عبيد الله، تعين أن يكون معطوفا على الجملة الشرطية؛ لأنه لو كان معطوفا على الجواب وله حكم وهو اختصاصه بالشرط؛ لكان الشرط فى المعطوف عليه كذلك، فيلزم أن يكون المعنى إن أسلموا فهم عبيد الله، وليس هو المراد لأنهم عبيد الله أسلموا أم كفروا.
واعلم أن عبارة أهل هذا الفن إذا كان للأولى حكم لا يقصد إعطاؤه للثانية، وإنما عدلت عن عبارتهم إلى قولى، إذا كان لإحدى الجملتين، ومقصودى بهذا أنه لو كان القيد فى الجملة الثانية كان الأمر كذلك، فإنك إذا قلت: أكرم المسلمين وأهن الكافرين إن رأيتهم، كان الشرط عائدا إلى الجملتين معا، عند من قال: إن الاستثناء