للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(الرابعة): لا يخفى أن الفصل والوصل يكونان بين المفردات كما يكونان بين الجمل، وسنعقد لذلك فصلا فى آخر الكلام، إن شاء الله تعالى.

(الخامسة): لا يخفى أن ذكر الفاء ههنا إنما هو إذا كانت لمجرد العطف، أما إذا كانت للسببية فقد تقع حيث يمتنع العطف بغيرها، كقولك: أكرمنى زيد فأكرمه، فإن بينهما كمال الانقطاع، والوصل حسن.

(السادسة): قدمنا أن كون الجملة لها محل مما يقرب الجامع بخلاف ما إذا لم يكن لها محل، وليس ذلك على إطلاق فربما كانت الجملة لا محل لها والجامع أقرب منه، حيث لها محل كالجملة الموصول بها إذا عطف عليها، فإنها لا محل لها، كقولك: رأيت الذى يعطى ويمنع، فإن استدعاء الموصول لتمام صلته أتم من استدعاء الإعراب للجملة المعطوفة، وكذلك الموصول الحرفى كقوله:

لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم ... وأن نكفّ الأذى عنكم وتؤذونا

أى: فى الجمع بين الأمرين، ومن ذلك الجملتان اللتان يطلبهما شرط، مثل: إن جاء زيد وجاء عمرو فأكرمه فإن الفعل مجزوم لا الجملة كلها.

وقد آن لنا أن نرجع إلى كلام المصنف فقوله: إذا أتت جملة بعد جملة - يعنى: إذا أردت أن تأتى بها؛ لأنه لا يقال: إذا أتت - فتارة توصل وتارة تفصل؛ لأنها بعد إتيانها لا تتغير عما وقعت عليه من فصل ووصل، وقوله: فالأولى ينبغى أن يقول:

السابقة؛ فإن الأول حقيقة فيما لم يسبقه غيره، والكلام فى كل جملة بعدها أخرى، كالثانية مع الثالثة والثالثة مع الرابعة، وعذره فى ذلك أن كل واحدة أولى بالنسبة لما بعدها، ومنه قولهم: ادخلوا الأول فالأول، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: - " أول أشراط السّاعة طلوع الشّمس من مغربها" (١) مع قوله صلّى الله عليه وسلّم: - " أول أشراط السّاعة نار تحشر النّاس" (٢) فقد جمع بينهما بذلك (قوله: فالأولى إما أن يكون لها محل من الإعراب) قد تقدم تفصيله، وأن هذا التفصيل ليس صحيحا إنما المحل موضع يظهر به الجامع والسكاكى لم يقصد هذا التفصيل،


(١) أخرجه مسلم فى" الفتن وأشراط الساعة" باب: خروج الدجال ... (ح ٢٩٤١) ورواه مختصرا:
الطبرانى عن أبى أمامة، انظر صحيح الجامع (ح ٢٥٦٠).
(٢) أخرجه البخارى فى" أحاديث الأنبياء"، باب: خلق آدم وذريته، (٦/ ٤١٧، ٤١٨)، (ح ٣٣٢٩)، وفى مواضع أخر من صحيحه، ومسلم فى" الجنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>