للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإن قلنا: العامل فى المستثنى، هو ما قبلها أو الاستثناء منه، فليعد إلى الجميع؛ لأنا حينئذ لم نؤخر المستثنى منه عن المستثنى بل نقدر استثناء آخر عقب الثانية، كما يقدر استثناء عقب ما قبل الأخيرة إذا تأخر الاستثناء عنها، ويكون حذف من أحدهما؛ لدلالة الآخر عليه، ولا وجه لعود المستثنى المتأخر للكل مع القول: بأن العامل ما قبلها إلا ذلك وقد انحل لنا بهذا الإشكال كثير على الشافعية، وهو أن إعادتهم الاستثناء إلى الكل مع القول: بأن العامل فى المستثنى هو العامل فى المستثنى منه يلزم منه توارد عوامل على معمول واحد فاندفع الإشكال بحمد الله تعالى

وأما غير ذلك من القيود كالظرف نحو:

ضربت زيدا وأكرمت عمرا اليوم، وعكسه والصفة مثل: أكرم المسلمين وأهن الكافرين الذين عندك، فالذى يظهر أنه كالشرط وأنه يتقيد سواء أتوسط القيد أم تأخر، فيمتنع الوصل إلا عند إرادة التشريك فى الحكم، وقد قال شيخنا أبو حيان فى أول شرح التسهيل: إنه لا خلاف لعلمه فى أن عطف الفعل على الفعل يقتضى اشتراكهما فى الزمان، وأن يقوم زيد الآن، ويخرج ويقوم زيد، ويخرج الآن، يتخلص الفعل فيهما معا للحال، وابن الحاجب اختار فى مسئلة" لا يقتل مسلم بكافر" (١) أن القيد فى أحد المتعاطفين يستلزم القيد فى الآخر وردد القول فى نحو: ضربت زيدا يوم الجمعة وعمرا، هل يقتضى أنهما يوم الجمعة أم لا؟ ولكن تلك المسئلة فرضها فى عطف المفردات ولا يلزم من تعدى قيد أحد المتعاطفين إلى الآخر فى عطف المفردات تعديه فى عطف الجمل، وقد تكلمنا معه فى ذلك فى شرح المختصر بما لا يستغنى عن مراجعته، وأما الصفة فإذا جاءت بعد الجمل، قال أصحابنا فى الوقف: إنها تعود على الجميع، ومما نحن فيه قولك: إنما زيد قائم وعمرو جالس، تريد عطف الجملة الثانية على ما بعد إنما، ومن ذلك الحال وقد تكلموا عليها فى قوله تعالى:

وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً (٢).

(الثالثة): حيث قلنا فى هذا الباب: يجب الوصل أو قلنا: يجب الفصل نريد به الوجوب بحسب البلاغة وتطبيق الكلام على مقتضى الحال ولا نعنى الوجوب بحسب اللغة إلا فى مواضع يسيرة، ننبه عليها فى موضعها، إن شاء الله تعالى.


(١) هذا لفظ حديث أخرجه أحمد والترمذى وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وانظر صحيح الجامع (ح ٧٧٥٢)، وراجع الإرواء (ح ٢٢٠٩).
(٢) سورة الأنبياء: ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>