للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحو: زيد يكتب ويشعر، أو: يعطى ويمنع؛ ولهذا عيب على أبى تمام قوله [من الكامل]:

لا والّذى هو عالم أنّ النّوى ... صبر وأنّ أبا الحسين كريم

ــ

كان يريد أن غير الواو يوصل بها من غير جهة جامعة فسيأتى الكلام معه ثم لا معنى حينئذ لقوله: نحوه؛ لأن الواو عنده منفردة بهذا الحكم مثال ذلك: زيد يكتب ويشعر، لأن بين الشعر والكتابة تناسبا والمسند إليه متحد، أو زيد يعطى ويمنع؛ لأن بين الإعطاء والمنع تناسبا وإن كانا متضادين والمسند إليه واحد فإن معناه الإخبار بأنه جامع للوصفين، واستحضار أحدهما يسبب استحضار الآخر، ولهذا كانت المضادة من علاقات المجاز، ومنه قوله تعالى: وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيبسط (١) وسيأتى الكلام - إن شاء الله تعالى - على الجامع الخيالى وما نحن فيه منه، وكذلك

فى عطف المفرد، يشترط أن يكون بين المفردين تناسب كقوله سبحانه وتعالى: يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها (٢) والتناسب فيه على ما سبق ولعدم التناسب عيب على أبى تمام قوله:

لا والّذى هو عالم أنّ النّوى ... صبر وأنّ أبا الحسين كريم (٣)

إذ لا تناسب بين مرارة النوى وكرم أبى الحسين، وقد تمحل الناس إلى أجوبة منها: أن مرارة النوى سبب يقتضى انتجاع أبى الحسين لمكارمه التى تزيل شظف النوى، أو نعنى: كرم الأخلاق الذى يزيل عنه النوى، وقد بالغ الطيبى فى استحسانه إشارة إلى أنه جمع بين متضادين هما: مرارة النوى، وحلاوة كرم أبى الحسين، فأبرزهما فى معرض التوخى، كالجمع بين الضب والنون (قوله: وإلا) أى: وإن لم يقصد إعطاء الجملة اللاحقة حكم إعراب السابقة (فصلت): عنها فلم تعطف عليها، وجوب الفصل فى هذه لغوى؛ لأن من قصد عدم إعطاء حكم الإعراب السابق لا يستطيع أن يعطف وينبغى أن يقول: استؤنف، كما قال فى القسم قبله عطفت وينبغى أن يقسم هذا قسمين:


(١) سورة البقرة: ٢٤٥.
(٢) سورة الحديد: ٤٠.
(٣) ديوان أبى تمام ٣/ ٢٩٠، ودلائل الإعجاز ص ١٧٣، ومعاهد التنصيص ١/ ٩١، وأبو الحسين المذكور فى البيت هو محمد بن الهيثم بن شبابة، وانظر نهاية الإيجاز ص ٣٢٣، وعقود الجمان ص ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>