للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلا: فصلت عنها؛ نحو: وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ؛ لم يعطف اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ على إِنَّا مَعَكُمْ؛ لأنه ليس من مقولهم. وعلى الثانى: إن قصد ربطها بها على معنى عاطف سوى الواو -

ــ

أحدهما: غير مقبول، وهو أن يكون بينهما جهة جامعة فكان من حق المتكلم أن يقصد العطف فالعدول عنه غير بليغ فتعين تقسيم هذا إلى الأحوال الخمسة من كمال الانقطاع أو الاتصال أو شبه أحدهما أو التوسط كما سبق.

والثانى: مقبول، وهو إذا لم يكن بينهما جهة جامعة كقوله سبحانه وتعالى: وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (١) لم يعطف اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ على إِنَّا مَعَكُمْ التى هى فى محل نصب بالقول؛ لأنه لم يقصد إعطاؤها حكم إعراب إِنَّا مَعَكُمْ وإنما لم يقصد ذلك؛ لأن الله يستهزئ بهم ليس من مقولهم فلا يمكن أن يعطى حكم مقولهم من العطف عليه المستلزم أن يكون مقولا، كذا قال المصنف وغيره ولك أن تقول: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ جملة مستأنفة ولا يصح عطفها على إِنَّا مَعَكُمْ وإنما يكون الفصل فى شئ يمكن أن يعطف على غيره،

فيفصل عنه وتكون الجملتان من كلام متكلم واحد، وهاتان ليستا كذلك، ويمكنك أن تجعل الكلام هنا بين جملة إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ وبين جملة اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ والحال كذلك، ثم لك أن تقول: إِنَّا مَعَكُمْ مستأنفة لا محل لها من الإعراب، فليست من هذا القسم فى شئ كما سبق، وكأنه لاحظ أنها فى محل نصب بالقول اعتبارا بالحكاية لا بالمحكى وهو أحد الاعتبارين السابقين.

القسم الثانى: أن لا يكون لها محل (قوله: وعلى الثانى) أى: وعلى تقدير أن لا يكون للجملة السابقة محل (فإن قصد ربطها) أى: الجملة اللاحقة (بها) أى:

بالسابقة (على معنى) حرف (عاطف سوى الواو) وهذا القسم هو نظير القسم الأول، إلا أن هناك عبر بتشريك حكم الإعراب؛ لأن للجملة الأولى إعرابا، وهنا لما لم يكن للأولى إعراب، عبر بقصد الربط أى ربطها ربطا يفيد فائدة تحصل من حرف العطف غير


(١) سورة البقرة: ١٤، ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>