للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو بدلا منها؛ لأنها غير وافية بتمام المراد، أو كغير الوافية، بخلاف الثانية، والمقام يقتضى اعتناء بشأنه لنكتة؛ ككونه مطلوبا فى نفسه، أو فظيعا، أو عجيبا، أو لطيفا؛ نحو: أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١) فإنّ المراد التنبيه على نعم الله تعالى، والثانى أوفى بتأديته؛ لدلالته عليها بالتفصيل من غير إحالة على علم المخاطبين المعاندين؛ فوزانه وزان وجهه فى: أعجبنى زيد وجهه لدخول الثانى فى الأوّل،

ــ

القسم الثانى: أن تكون بدلا وإليه أشار بقوله (أو بدلا منها) أى تكون الجملة الثانية بدلا من الأولى وقوله: (لأنها) تعليل للإبدال أى: إنما أبدلت منها لكون الأولى غير وافية بتمام المراد، وهى المنزلة منزلة بدل البعض أو الاشتمال أو كغير الوافية وهى المنزلة منزلة بدل الكل، ومع ذلك فلا بد أن يكون المقام يقتضى اعتناء بشأنه لنكتة ما وتلك النكتة

مثل: (كونه مطلوبا فى نفسه أو فظيعا أو عجيبا أو لطيفا) ثم ذلك ضربان، الأول: أن تنزل الثانية من الأولى منزلة بدل البعض من متبوعه وإليه أشار بقوله: (نحو أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) فإنه سيق للتنبيه على عظم نعم الله سبحانه وتعالى عند المخاطبين فهو مقام يقتضى الاعتناء به، والثانية أوفى من الأولى لدلالتهما على التفصيل من غير إحالة على علمهم فإنهم معاندون، وقول المصنف: لدلالة الثانية عليه بالتفصيل فيه نظر، فإن الثانية إذا كانت بدل بعض تكون دلت على أن المراد بالأولى البعض، فالثانية كالمخرجة لبعض الأفراد ليست مفصلة لمعنى الأولى، والإمداد بما ذكر من الأنعام وغيرها بعض الإمداد بما تعلمون (فوزان الثانية وزان وجهه من قولك: أعجبنى زيد وجهه) قال فى الإيضاح:

ويحتمل أن يكون أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ مستأنفة (قلت): فيه نظر؛ لأنه كان يلزم أن يكون التأكيد مستحسنا كما سيجئ وكما سبق، وقول المصنف: والثانية أوفى مخالف لقوله فى الأول أن تكون الأولى غير وافية؛ لأن أوفى يشعر بالمشاركة ثم أشار إلى القسم الآخر وهى أن تكون الأولى غير وافية بالشروط السابقة وهى التى تنزل مما قبلها منزلة بدل الاشتمال من متبوعه بقوله تعالى: اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢) فإنه أريد به حمل المخاطبين على اتباع الرسل وقوله: اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ أوفى بتأدية المعنى ولك أن تقول: اتباع


(١) الشعراء: ١٣٢ - ١٣٤.
(٢) سورة يس: ٢٠، ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>