للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو بيانا لها؛ لخفائها؛ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (١)؛

ــ

ليس العدم بل الكف، فإنه مطلوب النهى خلافا لأبى هاشم وما تضمنه كلامه من أن الأمر بالشئ يستلزم النهى عن ضده قد خالف فيه السكاكى وهو قول مشهور، وقوله:

مع ما بينهما من الملابسة لكى لا يتخيل أن أحدهما لا يدل على الآخر كما هو قول قد قيل، ولم يتعرض المصنف لحالة كون الثانية بمنزلة بدل الكل؛ لأنه استغنى عنه بعطف البيان؛ لأنه قريب منه، وقال فى الإيضاح: لأن بدل الكل تأكيد إلا أن لفظه غير لفظ متبوعه، يعنى: أنه تأكيد معنوى وأنه لا يتوافق لفظهما إلا بزيادة نحو:

لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (٢)؛ ولأنه مقصود دون متبوعه بخلاف التأكيد المعنوى واللفظى وما ادعاه المصنف فى هذه الآية الكريمة والبيت من أن الجملة الأولى لا محل لها، جار على ما قررناه من أن المعتبر فى ذلك الكلام المحكى لا الحكاية.

القسم الثالث: من صورة كمال الانقطاع: أن تكون الثانية بيانا للأولى فتنزل منها منزلة عطف البيان من متبوعه للإيضاح، وقوله: (لخفائها) يعنى: أن المقتضى لإثباتها بيانا خفاء معنى الجملة السابقة.

قال فى الإيضاح: مع اقتضاء المقام إزالته ولا بد من هذا القيد فإن قلت: إذا كان فى الجملة السابقة خفاء فالأولى غير وافية أو كغير الوافية بتمام المراد، وهى حالة البدل فيلزم أن تتحد حالتا البدل والبيان، قلت: المقصود فى الإبدال هو الثانى لا الأول، فلهذا كان الأول غير واف أو كغير الوافى والمقصود فى البيان هو الأول والثانى توضيح له، وإن اشتركا فى أصل خفاء الجملة السابقة، وقوله: خفاء معنى الجملة السابقة يشير إلى أنها هى المقصودة - وذلك هو الفاصل بين البابين - ومثال هذا القسم قوله عز وجل: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (٣) فإنه فصل، قال عن وسوس؛ لأن فيها تفسيرا وبيانا لها، ويحتمل أن يكون استئنافا، قلت: وفى جعل هذا من هذا القسم نظر، فإن وسوس الظاهر أن له محلا من الجر، فإنه معطوف على قلنا الذى أضيف له إِذْ * ثم إن


(١) سورة طه: ١٢٠.
(٢) سورة العلق: ١٥، ١٦.
(٣) سورة طه: ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>