للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إمّا عن سبب الحكم مطلقا؛ نحو [من الخفيف]:

قال لى: كيف أنت قلت: عليل ... سهر دائم وحزن طويل

ــ

استدعاء السؤال وطلبه فهى منزلة منزلته كما قال المصنف مثل: وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (١) فإنه يشوق السائل إلى السؤال عنها وإن لم يكن، ولكنه استفيد التشوق إليه من القرائن فالسؤال مقدر كقوله: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي (٢) وتقدير السؤال لأحد أمور:

كإغناء السائل أن يسأل، والمراد السائل بلسان الحال وإلا فالفرض أنه لم يسأل أو قصد أن لا يسمع منه إما لاحتقاره أو تعظيمه، زاد فى الإيضاح: أو قصد أن لا ينقطع كلامك بكلامه أو قصد تكثير المعنى بتقليل اللفظ وهو تقدير السؤال وترك العاطف. والباء فى قوله: بتقليل اللفظ للمعية، أى: تكثير المعنى للسؤال مع تقليل اللفظ بطى السؤال والعاطف كما قال قطب الدين فى شرح المفتاح، وقال الكاشى: يجوز أن تكون للسببية وهو أولى؛ لأن ترك العاطف سبب فى تقدير السؤال وهو فاسد؛ لأنه مقلوب فإن تقدير السؤال هو السبب فى ترك العطف لا بالعكس إذ يلزم أن يكون ترك العطف بلا مقتض أو تنبيه السامع على موقعه قال: أو لغير ذلك مما هو منخرط فى هذا السلك، أى: مثل ادعاء أن هذا السؤال لا يحتاج لذكره، أو امتحان السامع هل يعلم أن ذلك جواب سؤال؟ ويسمى الفصل لذلك استئنافا (وكذا الثانية) أى: الجملة تسمى أيضا استئنافا، وهو، أى: الاستئناف ثلاثة أضرب؛ لأن السؤال الذى تضمنته الأولى على رأيه أو المقدر على رأى السكاكى إما عن سبب أو لا والأول إما سبب عام أو لا فالسبب العام كقوله:

قال لى كيف أنت قلت عليل ... سهر دائم وحزن طويل (٣)

كأن المخاطب لما سمع عليل، قال: ما سبب علتك؟ فقال: سهر دائم وحزن طويل.

والخاص: أشار إليه بقوله: وإما عن سبب خاص كقوله تعالى: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ (٤) فكأنه قيل: هل النفس أمارة بالسوء؟ وهذا الضرب


(١) سورة القدر: ٢.
(٢) سورة يوسف: ٥٣.
(٣) البيت فى الإشارات والتنبيهات للجرجانى ص ٣٤، ومعاهد التنصيص ١/ ١٠٠، ودلائل الإعجاز ص ٢٣٨، وقال الأستاذ محمود شاكر: مشهور غير منسوب، وفى عقود الجمان ص ١٨٢.
(٤) سورة يوسف: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>