للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(قلت): فيه نظر؛ لأنه إذا كانت الأولى ظرفية فإن قصدت إعطاء الظرف للأخرى وصلت وإلا وجب الفصل - كما سبق - وينبغى أن يدخل فى هذا القسم إذا كان فى إحداهما أداة حصر، مثل: إنما زيد قائم وعمرو جالس تريد عطف عمرو وجالس على إنما وما بعده، وكذلك إذا كانت إحداهما مؤكدة بإن أو اللام دون الأخرى.

وقوله: (إلا لمانع) هو استثناء عائد إلى القسمين السابقين فالتناسب فى الاسمية والفعلية يعتبر إلا لمانع مثل: أن تريد بإحداهما التجدد وبالأخرى الاستمرار، كقولك:

قام زيد وعمرو قاعد إذا أردت أن قيام زيد تجدد وقعود عمرو لم يزل؛ لأن رعاية المعنى تقدم على رعاية التناسب اللفظى، قال السكاكى فى المفتاح: وعليه قوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١) أى سواء أجددتم الدعوة أم استمر عليكم صمتكم عن دعائهم؛ لأنهم كانوا إذا حزبهم أمر دعوا الله عز وجل دون أصنامهم لقوله تعالى:

وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ (٢) وكانت حالهم المستمرة أن يكونوا عن دعوتهم صامتين واعترض عليه بأنه إنما يتجه لو كان المدعو الله تعالى، وإنما المدعو الأصنام فلا يصح المثال؛ لأن دعاءهم الأصنام أمر ثابت لهم (قلت): والجواب أن السكاكى أراد أن الثابت لهم الصمت عن دعائهم؛ لأن الدعاء فى الغالب إنما يكون عند مسّ الضر وهم عند مس الضر إنما يدعون الله عز وجل ودعاء الله صمت عن دعائهم، ولذلك قال السكاكى: إن حالتهم المستمرة الصمت عن دعائهم، واستدل عليه بأنهم كانوا يدعون الله تعالى بدليل الآية الكريمة والمعنى سواء تجدد دعاؤكم الأصنام عند نزول الضر وتركتم ما أنتم عليه من دعاء الله تعالى عند الضر أم أنتم صامتون عن دعاء الأصنام مستمرون على دعاء الله ومن أمثلة هذا أيضا قوله تعالى: قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (٣)؛ لأنهم كانوا يزعمون أن اللعب حالة مستمرة له صلّى الله عليه وسلّم فاستفهموا عن تجدد مجيئه لهم بالحق ولا فرق فى التمثيل بهذه الآية الكريمة بين أن نقول: أم منقطعة أو نقول: متصلة قيل: ومنه قوله تعالى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ (٤) على قراءة النصب فإنه معطوف على فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا (٥) فإن


(١) سورة الأعراف: ١٩٣.
(٢) سورة الروم: ٣٣.
(٣) سورة الأنبياء: ٥٥.
(٤) سورة فصلت: ١٨.
(٥) سورة فصلت: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>