قلت: الجملة لا تخلو عن أن تكون اسمية فتكون للثبوت أو فعلية فتكون للتجدد، فإن أريد التجدد فيهما وجب كونهما فعليتين لذلك لا للتناسب، أو أريد الثبوت فيهما وجب كونهما اسميتين لذلك أو أريد الثبوت فى إحداهما والتجدد فى الأخرى وجب اختلافهما لذلك، فليس لرعاية الاسمية والفعلية محل تكون فيه للتناسب اللفظى.
(قلت): الجملة فى نفسها لا تخلو عن دلالة على الثبوت إن كانت اسمية أو التجدد إن كانت فعلية؛ لكن وراء إرادة الثبوت وإرادة التجدد قسم ثالث وهو: إرادة مطلق النسبة من غير نظر لثبوت أو تجدد وإن كانت لا يقع الإخبار بها إلا على إحدى الكيفيتين، وبهذا ظهر الجواب عن قول السكاكى: إن كان المراد مجرد النسبة روعى التناسب فى الفعلية والاسمية وأما المانع من رعاية التناسب فى عطف أحد الفعلين على الآخر فهو أن يكون الفعلان المستقبلان مثلا يقصد إتيان أحدهما بصيغة الماضى لنكتة كالدلالة على أن هذا الأمر صورته صورة الواقع وقد تقدم الكلام على هذا ومثله وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ (١) إشارة إلى أن الفزع المترتب على النفخ كأنه قد وقع حتى عبر عنه بلفظ الماضى. (تنبيه): إذا تأملت ما ذكرناه فى هذه الأمثلة وتأملت كلام السكاكى علمت أن المراد فى هذا المكان بقولهم: الفعل المتجدد أنه للإخبار بتجدد الشئ ووقوعه بعد أن لم يكن ويشهد لذلك قول السكاكى: سواء عليكم أجددتم دعاءهم بخلاف قولنا:
الفعل المضارع للتجدد فمعناه: أن الشئ يتجدد وقتا بعد وقت ويتكرر كما سبق تقريره.
(تنبيه): ينبغى أن يستثنى من الفعل المضارع المجزوم بلم أو لما فيعطف على الماضى تقول: زيد قام ولم يقعد ولا يعطف على المضارع المراد به الاستقبال فتقول:
سيقوم ولم يقم؛ وكأنهم استغنوا عن هذا بقولهم: إلا لمانع فإن إرادة المضى بالمضارع المجزوم لا يؤثر معها رعاية التناسب فى عطفه على مضارع للاستقبال كما أن إرادة الاستقبال بفزع منعت رعاية التناسب.
(تنبيه): جميع ما سبق فى الجملتين سواء أكانا كلامين مستقبلين أم لم يكونا مثل:
جملتى الشرط أو جملتى الجواب فيراعى فيهما ما سبق أما جملتا شرط وجواب مثل