للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالْباطِنُ (١) إن جعلناها صفات لرفع وهم من يستبعد أن تكون هذه الصفات لذات واحدة؛ لأنه إذا قصد فى العرف تضاد أحوال الشخص الواحد، يقال: هو قائم قاعد، وجاء العطف فى قوله تعالى: ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٢)؛ دون ما قبله؛ لأن الثيوبة والبكارة قسمان متضادان للموصوف، لا يجتمعان فى محل واحد بخلاف الصفات قبله.

وكذلك قوله - تبارك وتعالى -: الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ (٣) فإنه لما كان الأمر بالمعروف ملازما للنهى عن المنكر، وعكسه عطف عليه، ليكونا صفتين مستقلتين بالفضل، بخلاف ما قبله فإنه لا يتوهم أن أمرين منهما صفة واحدة وأما قولهم واو الثمانية فهو كلام ضعيف ليس له أصل طائل، وإن كان وقع فى كلام كثير من الأئمة واستندوا فيه إلى أن السبعة نهاية العدد عند العرب. وأما غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ (٤) فلأن غافر الذنب وقابل التوب من صفات الأفعال، وعطف أحدهما على الآخر أيضا يتوقف على تحرير المقتضى لاختلاف هذه الصفات تعريفا وتنكيرا، وللكلام فيه سبح طويل ليس هذا محله، فإن غافر وقابل قد يظن أنهما وصف واحد لتناسبهما، فبين بعطف أحدهما أنهما متغايران وشَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ كالمتضادين بالنسبة إلى غير الله - عز وجل -.

وقال الزمخشرى فى قوله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ (٥) إلى آخرها:

العطف الأول: نحو قوله تعالى: ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٦) فى أنهما جنسان مختلفان إذا اشتركا فى حكم، لم يكن بد من توسط العاطف بينهما.

وأما العطف الثانى: فمن عطف الصفة على الصفة بحرف الجمع فكان معناه أن الجامعين والجامعات لهذه الطاعات أعد الله لهم مغفرة. اهـ.

قال الوالد - رحمه الله تعالى -: الصفات المتعاطفة إن علم أن موصوفها واحد إما من كل وجه كقوله تعالى: غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ فإن الموصوف الله تعالى، وإما بالنوع كقوله تعالى: ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٧) فإن الموصوف الأزواج، وقوله تعالى:


(١) سورة الحديد: ٣.
(٢) سورة التحريم: ٥.
(٣) سورة التوبة: ١١٢.
(٤) سورة غافر: ٣.
(٥) سورة الأحزاب: ٣٥.
(٦) سورة التحريم: ٥.
(٧) سورة التحريم: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>